نحن نعرف أن المطالب الفئوية عادلة، لكن هنجيب منين مادام عجلة الإنتاج واقفة؟ هذا ما يقوله المجلس العسكرى دائما كلما سأله أحد عن مكاسب الثورة، مطالبا إيانا بالصبر والسلوان حتى تأتى النهضة الميمونة، وفى الحقيقة كلما سمعت كلمة «عجلة الإنتاج» انتابنى القلق والتوجس والريبة، ومعروف طبعا أن هذه العجلة هى التى يلقون بها فى وجه من يريدون إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، وتطهير البلاد من براثن الفساد، لكن ما كنت أشك فيه وتأكدت منه هو أن كلمة عجلة الإنتاج هى اسم الدلع لعجلة الإفساد والسرقات، ونتيجة تشغيلها هى أن تدهسنا جميعا، وأن تفقرنا وتذلنا وتجعلنا لقمة سائغة فى فم أصحاب المليارات المكدسة فى بنوك الداخل والخارج.
تأكدت من شكى فى حسن سير وسلوك هذه العجلة حينما قرأت تصريحا لأحد قيادات وزارة البترول يقول فيه إن صناعة الحديد وتصديره أخطر على مصر من تصدير الغاز لإسرائيل، وتأكدت أن هذه العجلة «عاهرة محترفة»، حينما قال المصدر إن مصانع الحديد والأسمنت والألومنيوم والأسمدة تستهلك الغاز الطبيعى والكهرباء بكميات ضخمة، وبأسعار متدنية، وإن مقدار الدعم الذى يحصل عليه عشرة رجال الأعمال فى هذه الصناعات يقدر بخمسين مليار جنيه سنويا، بحجة المحافظة على ثبات أسعار هذه المنتجات، لكن كانت المفاجأة هى أن هذه المصانع تصدر ما يقرب من نصف إنتاجها إلى الدول الأوروبية، لأن الاتحاد الأوروبى أصدر قرارا بنهاية عام 2001 يقضى بالتخلى عن كامل المصانع الملوثة للبيئة مثل الحديد والأسمنت والأسمدة، ونقل هذه المصانع إلى الدول النامية، وعلى رأسها مصر، فاحتكرها عدد محدود من رجال الأعمال المقربين من السلطة مثل أحد عز ليستولوا على الدعم الممنوح من الدولة مع ضمان السوق فى الخارج والمواد الخام فى الداخل التى يحصلون عليها أيضا بأسعار متدنية.
أطمئن واجلس فى بيتك مسترخيا فمازال النهب مستمرا، وضع فى بطنك «بطيخة صيفى» وتفشخر على العالمين، فأنت تدعم مواطنى أوروبا وأمريكا وإسرائيل بأكثر من 25 مليارا «من جيبك أنت» يضاف عليهم 25 مليارا أخرى هى قيمة دعم الصادرات التى يحصل عليها أيضا رجال الأعمال، بما يعنى أن 50 مليار جنيه يذهبون كل عام هباء، بينما أنا وأنت نغذى ميزانية الدولة بضرائبنا ومواردنا وأقوات أبنائنا ليأخذها سارقونا على الجاهز، ولا أقل بعد ذلك من أن نشتم من يقول كلمة «عجلة الإنتاج» شتيمة قبيحة، أو فهيا لنفرش جثثنا لتكتسحها «عجلة الإنتاج».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة