سكت الكلام وغاب صوت العقل والحوار فى الأزمة العبثية بين القضاة والمحامين، وتحدث هدير الرصاص وتكلمت لغة المسدسات والاقتحامات والبيانات والبلاغات المتبادلة بين طرفى الأزمة وكأننا نشاهد حرب استنزاف متواصلة تسيل الدماء فيها على أستار العدالة بأيدى أبنائها الشركاء فى صيانة واستقلال القضاء والدفاع عن الحقوق والحريات.
العبث فى الأزمة المشتعلة بلغ مداه بعد إطلاق الرصاص فى نادى القضاة وبعد قيام مجموعة من المحامين باقتحام دار القضاء العالى.. الرمز الأكبر والأهم وأيقونة القضاء المصرى وساحة العدالة فيه. والعناد بين الطرفين متصاعد وطغت التصريحات المستفزة والتصعيد المتبادل على صوت الحكمة من شيوخ ورموز القضاء والمحاماة لوقف هذه المهزلة والعبث الجنونى الذى يهدد ركنا أصيلا وأساسيا فى المجتمع بالتداعى والانهيار ويصبح بعدها الحل ولم الشمل من جديد صعبا ومستحيلا بعد أن بات هناك «تار بايت» يحتاج إلى جراحة عسيرة مؤلمة لوأد الفتنة الكبرى فى ساحة العدالة بسبب قميص المادة 18 فى قانون السلطة القضائية.
نرجوكم أوقفوا هذه المهزلة وهذا العبث فورا.. فلن ينتصر أحد فى الأزمة والكل سيخسر، والخاسر الأكبر هى العدالة وسمعة القضاء المصرى الشامخ، نرجو العقلاء والحكماء فى الجانبين أن يستعيدوا لغة الهدوء والحوار والاحتكام إلى العقل فى معالجة الأزمة دون اللجوء إلى لغة الرصاص أو التهديد أو الاستفزاز.
يا سادة العدالة تعالوا إلى كلمة سواء.. كونوا على قدر مسؤولياتكم تجاه وطن يعيش مرحلة مخاض صعبة أنتم فيها فى طليعة ركب التغيير والتطور الديمقراطى السلمى نحو المستقبل المنشود.. استعيدوا ذاكرتكم الوطنية فى كل مراحل النضال الوطنى المشرف من أجل حرية واستقلال الوطن.. تذكروا كيف كان القضاة والمحامون فى مقدمة الصفوف، وكيف احتشد من خلفهم كل طوائف المجتمع ضد الاحتلال والطغيان والاستبداد السياسى فى كل العصور.
سيحاسبكم التاريخ حسابا عسيرا على ما يجرى وستبقى أصوات الرصاص وإغلاق المحاكم واقتحام دار العدالة وصمة عار فى جبينكم. فقد طعننتم بعنادكم واستكباركم ومعارككم العبثية سمعة القضاء المصرى فى مقتل لن تشفى منه إلا بعد حين.
لن نحاسب الحكومة العاجزة المشلولة المرتعشة على صمتها المخزى الآن وموقفها المؤسف من الأزمة، ولكن نعتب على حكماء وشيوخ القضاء وعقلاء المحامين الذين آثر بعضهم الصمت وبقى البعض متفرجا وتورط البعض الآخر فى الأزمة.