محمد الدسوقى رشدى

قصيدة الكفر

الإثنين، 31 أكتوبر 2011 07:54 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذه قصة قديمة، ولكنها ليست خيالاً، عمرهها ثلاث سنوات سأحكيها لكم أولا ثم أصدمك بمشهد النهاية..

(حتى صديقى يريد أن يصبح مثلهم، يبيع الوهم فى لفة تصريحات سيلوفان ظاهرها للناس الرحمة وباطنها العذاب، لم يخجل وهو يضحك قائلاً: «اسكت مش أنا طلعت كارنيه الحزب الوطنى وأصبحت عضوا فاعلا فى أمانة الشباب وكلها سنة وأقف على باب لجنة السياسات.. وأكيد هيدخلونى»، لم يرمش للدكتور العائد من فرنسا محملاً بدكتوراه محترمة فى القانون وعدة دراسات قيمة جفن واحدة وهو يخبرنى بمفاجأته التى قال عنها إنها سارة.

الدكتور الذى انتظرته سنوات طويلة وذهبت للمطار فى عز الزحمة خصيصاً حتى أستقبله وأعود به إلى حضن أمه التى كانت تقول لى دائماً إن أباه كان يريد منه أن يصبح رجلا محترما، خيب أملى فيه وخيب أمل الرجل الذى يرقد فى قبره معتقداً أنه ترك ولدا صالحا يخدم الناس ويدعو له، كما كان يقول لنا كلما كنا نتكاسل فى المذاكرة.

طيب والاحترام.. ونفسك؟ كان هذا سؤالى، وكانت إجابته ابتسامة خفيفة ويد مرفوعة تحمل شهادة فرنسية اللغة قائلاً: الناس يكفيها هذه، ثم سألته وضميرك؟ فقال: إذا كان الدكتور مفيد شهاب أو الدكتور سرور قد أصابت ضمائرهم شكة دبوس فلن يصيب ضميرى أكثر منها.
يا محمد افهم.. أنا مش رايح أبقى حرامى ولا نصاب أنا دكتور جامعى محترم مهمتى الأفكار والتطوير والناس دى مش بتقول كلام وحش، بالعكس كلها خطط وبرامج محترمة.. والناس اللى إنت بتتكلم عن نظرتهم لى هم أول من يحنوا رؤوسهم حينما يرفع شهاب أو سرور أو واحد من السلطة يده ليسلم عليهم.

الدكتور ترك المقهى الردىء الذى اعتدنا أن نجلس عليه منذ أيام الكلية، ولم يستجب لنداءات عم متولى الذى أراد أن يتفشخر بصداقة الدكتور الجامعى أمام زبائن المقهى كعادته دائما مع أى فرد من الشلة ربنا أكرمه ووصل.

عم متولى نظر لى وقال: هو متضايق من حاجة، ده كان أكتر واحد فيكم بيهزر معايا.. هو نسينى ولا إيه يا أستاذ محمد؟

لا أبدا ياعم متولى هو منسيش بس هو قرر يروح الجنب التانى.. يهزر عليك بدل مايهزر معاك، وياخد فلوسك بدل مايعطيك.. قلت الكلام السابق لعم متولى الذى أدار لى ظهره وهو يتمتم بكلماته المعتادة منذ عرفته فى سنة أولى كلية موجها نظره نحوى ومشيراً إلى أعلى بيده كلما تكلمت قائلا: ربنا يشفى!

إلى هنا انتهت الحدوتة القديمة، التى يمكنك منها أن تفهم لماذا فشل الحزب الوطنى فى الوصول إلى الناس ونجح فى تخريب البلد؟ ولكن المفاجأة لا تكمن هنا، فأنت تعلم بالضرورة أن رجال الحزب المنحل سواء كانوا رجال أعمال أو أساتذة جامعة، كان الأمر بالنسبة لهم سلما يصعدون به نحو السلطة وأهلها، المفاجأة عند صديقى الدكتور..

أنت تسأل: أين هو الآن؟ وكيف حاله بعد الثورة؟ طبعاً لا داعى لأن أخبرك أنه أخذ «ذيله فى سنانه» وعاد من حيث أتى، واختفى طويلا، ثم عاد ليطل برأسه من جديد يبث سموم إحباطه وشماتته فى الهاتف عن ضياع البلد وانهيار اقتصاده، وباقى القصيدة الكافرة التى نسمعها عن أحوال مصر المتدهورة.. وكأنها كانت قبل 25 يناير سويسرا، ونحن لا نعرف.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة