يقول المثل الشعبى: الحداية ما بتسقطش كتاكيت، وفى رواية أخرى «ما بتحدفش» وفى رواية ثالثة «مبترميش» ولأنى أعلم تماماً أن الأمثال الشعبية فى مصر تحديداً تكون صادقة وواعية أكثر من اللازم، فإنى أصدقها وأستعين بها دائماً على فهم الكثير من جوانب الشخصية المصرية، ولذلك فقد كنت أستغرب كثيراً كلما سمعت أحد رجال الأعمال يحذر من المساس بدعم الوقود، مبرراً ذلك بالخوف على السوق والمواطن من ارتفاع الأسعار، ولأن السيد عصام شرف رئيس مجلس الوزراء سرعان ما «يكش» أمام أى عين حمراء، وعد الكثير من رجال الأعمال بعدم المساس بدعم الطاقة والوقود.
لكن لأن الحداية ستظل حداية حتى يثبت عكس ذلك تبين فى آخر الأمر كما أشرت فى مقال الأمس أن نصف دعم الطاقة يذهب إلى مواطنى أوروبا وأمريكا وإسرائيل، أى أن حداية فى مرحلة «ما قبل المخلوع» بقيت حداية فى مرحلة «ما بعد المخلوع» بينما الكتاكيت ينهش بعضهم بعضا يتبادلون الشتائم والاتهامات، مرة يرمون بعضهم بالعمالة، ومرة أخرى يتهمون بعضهم بالسلبية، ومرة بالتكفير والتخوين ومرة بالتخلف والرجعية.
إلى الواقفين فى طوابير المستشفيات فى انتظار العلاج، والمقيمين على أبواب السفارات داعين الله أن يمنح جواز سفرهم ختما ميمونا بالمغادرة، وإلى من يبيعون مصوغات زوجاتهم وأرض أبيهم ليستقلوا قوارب الموت المتجهة شمالاً، وإلى شهداء طوابير الخبز، وعمال اليومية الذين قصموا ظهورنا بتوسلاتهم أن نترك الميدان ونذهب إلى بيوتنا لأنهم لا يجدون قوت يومهم، إلى الأمهات فى البيوت والطلاب فى المدارس والموظفين فى المصالح والوزارات، إلى الفلاحين والحدادين والحفارين والبنائين، إلى الذين يريدون لعجلة الإنتاج أن تدور، والمواطنين الشرفاء الذين يحبون الاستقرار ويفضلونه على أبنائهم وإخوانهم، أيها المصريون يا من تخافون على أوطانكم وخيرات بلادكم وتأملون فى حياة أفضل لأطفالكم،
مالكم يذهب هدراً، يتنعم به أصحاب المليارات بينما أنتم فى الفقر غارقون، 25 مليار دولار تذهب سنويا من مالكم الخاص وضرائبكم ومواردكم إلى مواطنى أوروبا بينما مواردكم واحتياطيكم الاستراتيجى من المعادن يستنزف بأقل الأسعار، و25 ملياراً أخرى تهدونها أيضاً لرجال الأعمال نظير سرقة مواردكم ودعمكم وتصديرها للخارج تحت مسمى دعم الصادرات، فماذا أنتم فاعلون؟
لو مللتم من المظاهرات فدلونى على طريقة أخرى أثبتت فعاليتها فى القضاء على الفساد، لو تخوفتم من الثوار فدلونى على فصيل آخر يخاف عليكم وينادى برقيكم، لو أرهقكم الانفلات الأمنى وانتشار البلطجة التى ليست بجديدة على المجتمع المصرى فضعوا حلاً لتلك المشكلات لا يكون على حساب مستقبل أطفالكم، هل من مجيب؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة