أسأل سؤالا بسيطا وأتمنى أن يجد أحد إجابة عنه: من المسؤول عن إطلاق النار على ثوار 25 يناير.. ومن المسؤول عن قطع الاتصالات أثناء الثورة؟ الإجابة الفورية فى خيالكم، «ما مناسبة سؤالك الآن؟ طبعا نظام مبارك هو المسؤول عن هذه الجرائم! كنت أظن ذلك مثلكم، بعد أن شهدنا أبرز رجال هذا النظام خلف القضبان فى قضايا الفساد المالى والسياسى، لكن ألم تدفعكم وقائع ما يجرى فى هذه المحاكمات إلى الشك فيما إذا كان كل هؤلاء المتهمين من نظام مبارك قد ينالون البراءة لعدم جدية التحقيقات أو لعدم كفاية الأدلة؟
فى هذا السياق، أشير إلى واقعتين محددتين خلال يومين متتابعين، الأولى تصريحات المشير طنطاوى الأحد الماضى حول شهادته فى قضية اتهام مبارك ونجليه فى قضية قتل المتظاهرين، حيث قال المشير بالحرف: «شهادتى فى قضية قتل المتظاهرين، شهادة حق من رجل صادق مقاتل لأكثر من 40 عاما، من أجل الله ومصر، لم يطلب منا أن نضرب نارا على الشعب ولا عمرنا هنضرب نار»، وأنا أصدق ما قاله المشير طنطاوى فى تصريحاته وشهادته، كما نثق فى وطنية وإخلاص الجيش المصرى عبر العصور، لكنى هنا أتساءل عن التكييف القانونى لاتهامات مبارك والعادلى فى هذه القضية تحديدا، فمن المؤكد أن أمر إطلاق النار الصريح على المتظاهرين لم يصدر واضحا من مبارك ولا العادلى ولا حتى من أى قيادة بالداخلية، لكن إطلاق الرصاص تم والضحايا والمصابون سقطوا، هل فى ذلك أدنى شك؟ إذن لماذا نحاول تمييع المسؤولية، ولماذا نقبل بهذا التمييع؟ وإجابة هذا السؤال تحديدا لدى أجهزة التحقيق التى كان عليها أن تبحث فى «الأكواد» و«الشفرات» وطبيعة إصدار الأوامر وتلقيها بين الأجهزة الأمنية، وفى دوائر القيادة العليا بما يؤدى إلى جرائم على الأرض، وليس مجرد السعى وراء أوامر حرفية لن يستطيع الجن الأزرق إثباتها على أحد من «المتهمين الكبار».
الواقعة الثانية تتعلق بما أعلنته هيئة قضايا الدولة أمس الأول الاثنين خلال نظر المحكمة الإدارية العليا طعن مبارك ونظيف والعادلى على الحكم بتغريمهم 540 مليون جنيه تعويضاً عن قطع الاتصالات أثناء الثورة، فقد دفعت الهيئة، ولا أعرف لماذا، بنص تحقيقات نيابة قصر النيل التى تضمنت إشارة بقطع الاتصالات أثناء الثورة، ولكنها لم تتضمن توجيه أى اتهامات لمبارك أو العادلى أو أى من مساعديه، وهى التحقيقات التى استندت إليها النيابة العامة فى إحالة المتهمين للجنايات.
نحن إذن أمام لغز يثير حيرة وغضب كل الوطنيين الأبرياء الذين يتخيلون أن الثورة سوف تحقق العدل فى الأرض، تحقيقات منقوصة أو مهلهلة ومحاكمات تم نقلها على الهواء مباشرة لتهدئة المشحونين والغاضبين ومسؤوليات مشاع عن هذه الجرائم، والنتيجة المتوقعة: حكمت المحكمة حضوريا ببراءة المتهمين محمد حسنى السيد مبارك وحبيب إبراهيم العادلى وجمال وعلاء وصفوت وسرور وعزمى إلخ إلخ إلخ.. ولا أراكم الله مكروها فى عزيز لديكم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة