لأول مرة سيحتفل الشعب المصرى بالذكرى 38 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة دون ضجيج إعلامى وتمجيد زائف لـ«صاحب الضربة الجوية التى فتحت باب الحرية» التى حولت طوال 30 عاما بطولة شعب وتضحيات جنوده ودماء شهدائه الأبرار إلى مجرد صور وأغان للبطل الوحيد الذى حقق الانتصار وحده وتوارت خلفه صور الأبطال الحقيقيين من قادة وجنود فى هذه الحرب المجيدة، وجرت أكبر عملية تجريف وتزييف لتاريخ القادة العظام الذين خططوا وأداروا المعركة بمهارة عسكرية، شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء، وقام النظام السابق بشطب صورهم وتضليل الذاكرة الوطنية عن أدوارهم البطولية فى المعركة.
مصر اليوم تتنفس بحرية حقيقية، بعد ثورة يناير، ذكرى أعظم انتصاراتها فى القرن العشرين دون احتكارها أو السطو عليها لصالح شخص أو حاكم صوّر لأجيال متعاقبة منذ الثمانينيات أنه لولاه ولولا «ضربته الجوية» ماكانت حرب أكتوبر وماكان الانتصار العظيم.
بعد 38 عاما جاء الوقت الذى يستعيد فيه أبطال الحرب الحقيقيون مكانتهم التاريخية ويستردون فيه اعتبارهم وإنجازاتهم وبطولاتهم، ويتم تكريمهم بما يليق بما حققوه من بطولات وتضحيات سواء من كان منهم حيا يرزق أو من استشهد أو من مات سهوا وحيدا مظلوما دون أن يسمع عن وفاته أحد.
آلاف الأبطال من الضباط والجنود سطروا بدمائهم أعظم الملاحم البطولية على أرض سيناء.. عبروا وقاتلوا بشرف وأعادوا للوطن كرامته المسلوبة ثم عادوا ليجدوا أن هناك غيرهم من يحصد ثمار الانتصار، فآثروا أن يراقبوا فى صمت مزاد بيع النصر وبيع الوطن فى نفس الوقت.
من بين الأسماء التى تستحق إعادة الاعتبار - مع آلاف الأبطال الآخرين - الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان القوات المسلحة فى حرب أكتوبر المهندس الحقيقى للحرب الذى رحل منذ شهور قليلة بعد ثورة يناير وبعد أن عرف المصريون دوره الحقيقى فى المعركة، والذى حاول مبارك أن يمحوه ويشوهه، ولكن يظل الأبطال والقادة العظام أحياء فى ضمير شعوبهم مهما طال الزمن ومهما حاولت أيادى الزيف محو سيرتهم العطرة.
وأيضا الرقيب أول مجند محمد عبدالعاطى صائد الدبابات الذى دمر بمفرده 23 دبابة وثلاث مجنزرات للعدو الصهيونى، وكان نموذجا للمقاتل الصلب العنيد الذى أذاق العدو مرارة الهزيمة. الذى مات وحيدا منذ عشر سنوات بمرض الكبد اللعين دون أن يدرى بموته أحد.
علينا أن نحتفل بالانتصار وبالآلاف من أبطاله، فالشعب وقواته المسلحة هم الأبطال الحقيقيون ولن يسطو عليه أحد بعد الآن.