لن أقلل من أهمية الأحداث السياسية الساخنة التى نعاصرها هذه الأيام، لكنى لا أخفيك سرا فقد عشت ليومين كاملين فى سعادة حقيقية غير عابئ بالتغيرات والصراعات والتحالفات والتربيطات والمشاحنات، فمنذ أن طلبت استعارة مخطط التنمية من الزميل خالد صلاح ورأيت تحمسه إليه، وبدأت فى تقليب صفحات انتعشت وفرحت للدرجة التى جعلتنى أهاتف أصدقائى وأشرح لهم ما رأيت من مستقبل مبهر ينتظر أبناء مصر المخلصين.
فاتك نص عمرك يا اللى ما شوفت مخطط تنمية مصر، وأرجوك إن لم تكن طالعته أن تحصل على عدد أمس من «اليوم السابع» أو أن تبحث عنه على الموقع الإلكترونى للجريدة، لكى ترى بعينيك وتؤمن بأن مصر معطاءة وقادرة على الحياة الكريمة لأجيال وأجيال، ولكى لا أطيل عليك فقد استهدف هذا المخطط أن يضاعف مساحة مصر المأهولة خمس مرات فى المدى القريب، وأن يوفر ملايين من فرص العمل، ومئات بل آلاف المليارات، وأن ينقل مصر من دولة هامشية فى الاقتصاد العالمى إلى محور أساسى لا يقدر أحد على إغفاله، عن طريق إستراتيجية كبرى تعتنى بكل مكونات المجتمع المصرى شمالا من الدلتا وجنوبا إلى الصعيد، وشرقا من سيناء وقناة السويس، وغربا حتى مطروح والسلوم.
الشىء الوحيد الذى أخشى على هذا المشروع الكبير العام، هو ألا تكون الدراسات الفرعية التى بنى على أساسها مدققة ومحققة ومجربة، فالمشاريع الكبرى التى تكون بهذا الحجم يدفعها الأمل إلى النور، ويصيبها الإحباط فى مقتل، ولو حدث «لا قدر الله» واكتشفنا أن هناك عوائق لم تكن فى الحسبان فسينقلب الحلم إلى ما لا نشتهى، ولهذا فإنى أعتقد أنه من حقى باعتبارى شريكا فى الحلم أن أسأل الدكتور فتحى البرادعى وزير الإسكان واضع هذا المشروع العملاق عن الدراسات العملية الفرعية التى أجراها على كل إقليم على حدة، وخططه للبداية فى هذا الحلم ومراحله، كما أود أن يشرح خطته المفترضة والتى سينقل على أساسها ملايين من البشر من الوادى الضيق إلى البراح الوسيع، وبالمرة أريد أن أعتب عليه لأنه لم يضع خططا ثقافية موازية لهذه الخطط التنموية العمرانية، فمن غير المعقول أن نبنى مجتمعات جديدة ونتركها هكذا بلا ثقافة تربطها بوجدان مصر وتاريخها وحضارتها ومنتجها الثقافى والأدبى العام، كما لا يصح أن نترك ملفا كبيرا ومهما مثل الملف الثقافى للصدفة والاجتهادات الفردية، لأن عواقب ذلك ستكون وخيمة، وإهمال الثقافة يصنع مدنا ومجتمعات بلاستيكية، ليس بها ما يعطى الحياة قيمتها ومعناها.
خلاف هذا فإنى أظن أن هذا المخطط كشف عن إمكانيات مصر المذهلة، وكسا معظم خريطتها باللون الأخضر، وأعتقد أن ما ورد به يستحق أن يكون مشروعا وطنيا كبيرا نلتف حوله باطمئنان، وأتمنى أن يتبناه ثوار مصر العظام الذين أذابوا الثلج وكسروا الحجر وأزاحوا الغمة، فها هى مصر تبتسم لنا، ومن حقنا أن نحلم، وأن نصر على أن يصبح حلمنا حقيقة، ومن حقنا أن نتفاءل بمستقبل نسأل الله أن يصبح أجمل وأكرم، فها هى خريطة الوطن أمام أعيننا، أحب الخرائط إلى القلب، وأجملها، وقد ملأها الأمل والتطلع نحو حياة كريمة مليئة بالخير والعمل والصبر الجميل من أجل رفعة الوطن وتقدمه، ها هو الحلم أمام عينيك، ولا يضيع حلم وراءه صادق، المطلوب فقط أن نصدق النية والعزم ونتسلح بالحب والمعرفة ونتوكل على الله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة