هناك حالة من اللبس العام فى مصر على جميع المستويات وفى شتى المجالات، حالة عبثية تدفع أى مراقب للمشهد لأن يشعر بأن مصر تعيش «حالة على ما تُفرج» فى السياسة، وفى الاقتصاد، وفى التعليم، وفى المواصلات والقوانين وغيرها من مناحى الحياة.
أتفهم هذا الوضع لأننا أمةً تخرج من رحم أزمة كبرى، قد أتفهمه ولا أرضاه، لكننى أعيشه ككل مصرى، ولكن ما لا أتفهمه أو أرضاه هو حين يلحق إعلام الثوار والمعارضين بركب على ما تُفرج.
الإعلام مكتوباً ومرئياً هو ضمير الأمم، فإن صارت ضمائرهم على ما تفرج.. إنسى.. ودعنى اُذّكر بحالتين إحداهما تخص أهل الإعلام أنفسهم والأخرى تخص سياسياً مخضرماً فى تعامله مع الإعلام:
1 - فى الأحوال المعتادة من حق أى إعلامى أن يتنقل فى عمله من مكان إلى آخر، ومن حقه أيضاً أن يتحفظ على إبداء الأسباب.. ولكن فى الحالة الراهنة يصعب القبول بدعوى الحرية الشخصية فى تبرير رحيل بلال فضل ومحمود سعد عن قناة التحرير، لأن المُشاهد له الحق الآن وليس غداً فى أن يفهم توجهات الوسائل الإعلامية التى يتعرض لها، وأن يعرف مصادر تمويلها وكل التفاصيل عنها لأنها ببساطة تزن عليه ليل نهار وتشارك فى تشكيل وعيه سلباً أو إيجاباً فى مرحلة حرجة من تاريخ مصر، ولأهلها.
وبالتالى تعد استقالة بلال وسعد على الهواء دون إبداء أسباب نوعا من حجب المعلومات عن المشاهد وتعتيما يفتح الباب لتكهنات تخص قناة تتخذ شعار «الشعب يريد تحرير العقول». والحرية لا تأتى إلا إذا عرفت، ولكن لا بلال ولا سعد منحونا المعرفة ليمنحونا الحرية فبدا الأمر وكأنه إعلام وحرية «على ما تُفرج».
2 - د.جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعى حالياً والمُعارض اليسارى سابقاً فعل ما لم يفعله الأوائل، حيث قدم بلاغاً فى وائل الإبراشى وقناة دريم لأنهما استضافاه فخرج علينا ديكتاتوراً لا يملك الحد الأدنى حتى من الكياسة الإنسانية، وطبعا لم يكن هذا خطأ القناة ولا الإبراشى.. ولكنه خطأ الزمن الذى صور لنا أن المعارضين السابقين أرحم ممن عارضوهم سابقاً!! جودة عبد الخالق لم يحتمل أسئلة الإعلام ولا الجمهور فقدم فيهما بلاغاً ببساطة لأنه كان معارضاً «على ما تُفرج» وقد فُرِجت له.. عقبالنا.