الركن الثالث فى الإسلام هو الزكاة، والتى يتم بها التوازن الاجتماعى فى المجتمع، وبها ينتشر الحب بين الناس، حيث يشعر المتلقى للزكاة بأن المعطى يحبه ويحنو عليه، بذلك تتأكد الأخوة بين الناس، كما أن الزكاة تطهر المال وتحمى المزكى من غضب الله، ومن كراهية الناس له، ومن استعباد المال له وجذبه إلى الشرك، كما فعل قارون فخسف الله به الأرض، وخسر الدنيا والآخرة، فالمال مال الله، والبشر مستخلفون فيه، فمن يتصرف فى مال الله بما يرضى الله فقد أصاب، وحدث له التوازن الداخلى، فلا يسقط فى حفرة تأليه الذات، فيظن أنه يعطى ويمنع.. الحاجب للزكاة يسقط فى براثن البخل، والبخيل عدو لله وعدو للناس.
جاء مسيلمة إلى خير خلق الله سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وطلب منه أن يصبح غنيّا، فحاول رسول الله عليه أزكى التحية والسلام أن يثنيه عن رغبته هذه، ولكن مسيلمة أصر وألح، فدعا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، له بالغنى.. واستجاب الله لدعاء النبى، عليه الصلاة والسلام، وكثرت ماشيته وأغنامه.. وسعد مسيلمة بذلك وتسلل له غرور الثروة وكبرياؤها المزيف.. وعندما طلب الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، من مسيلمة الزكاة كان حب المال والثراء قد استولى على قلبه وأفسد عقله فقال: «والله إنى أشتم منها رائحة الجزية». ومرت الأيام وانتقل رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى جوار ربه، وفى نفس الوقت ازداد مسيلمة غطرسة خاصة بعد رفض سيدنا أبو بكر رضى الله عنه أن يأخذ منه الزكاة لأنه لا يفعل شيئًا رفضه سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، وبغطرسة المال أعلن مسيلمة أنه نبى فقاتله خليفه رسول الله رضى الله عنه فى معركة شرسة وقتل مسيلمة الكذاب وانتهى كافرًا. وكل ذلك كان بسبب المال ورفضه إقامه شريعة الله العلى القدير فيها.
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى..» وبالتالى فإن الثرى أو حتى بسيط الحال الذى يعطى المحتاج يعطى خيرية الفعل، وهذا يقربه من ربه، وهذه نعمة كبيرة أن يكون العبد من أهل القرب.. ومن يشعر بسعادة القرب من رب العزة فسيكون مستعدّا لأن يقدم ماله وروحه فى مقابل أن يظل فى أنوار القرب من ربه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة