وائل السمرى

إضراب محمد هاشم

الخميس، 10 نوفمبر 2011 08:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تحسب أن محمد هاشم صاحب دار ميرت ومديرها ومؤسسها مجرد ناشر، هو «حالة» نادرة من النضال المصرى الأصيل، حالة محبة يعرفها كل من اقترب منه وشاركه فى التوقيع على بيان إدانة لمبارك وزبانيته، أو وقف بجواره فى مظاهرة أو اعتصام ورأى بعينيه كيف يخلص هذا الرجل لمبادئه.

هاشم يحب الحياة ويخلص فى الدفاع عنها، يحب الثقافة بجناحها المرفرف ونزقها الجرىء، يعلم بناته «ميرت وحبيبة ودنيا» أن المبادئ أهم وأبقى من إيداع الأرصدة فى البنوك أو التقاط الصور بجوار الحكام والوزراء، يحب الفن وينتشى به، تراه يغنى بصوته الجهير لأم كلثوم أو عبدالوهاب أو سيد درويش بتقمص وتمثل، ينهاه أصدقاؤه عن الاستمرار فى الغناء بصوته الأجش المرعب، لكن كيف له أن يكتم لسانه أغنية جاش بها صدره واهتزت لها جوارحه.

لم أعرف هاشم منذ وقت طويل، لكن علاقتى به توثقت عقب تشكيل جماعة أدباء وفنانين من أجل التغيير التى كانت مصاحبة لتشكيل حركة كفاية فى 2005، صارت الجماعة اتحادا مستقلا موازيا لاتحاد الكتاب ونقابة الفنانين التشكيليين، فيها تبرز الأصوات الحرة التى تعلن عن رأيها بشجاعة وشرف، وكان هاشم هو ديمنو الجماعة، ومكتبه مقرها الدائم المفتوح، فاستحقت أن تكون دار ميرت أبهى منصات إطلاق الحرية.

فى أيام اعتصام التحرير منذ الثامن والعشرين من يناير الماضى كان مكتب محمد هاشم ملجأنا إذا قرصنا برد الميدان أو نغزتنا الأرصفة والإسلفت وجحود الأهل والإخوة، فى أقسى أيام يناير كان الدفء حاضرا عند هاشم، وفى أيام حصار البلطجية للتحرير بعد موقعة الجمل كانت «اللقمة الهنية» التى يقدمها لنا تكفى مية وألف وآلاف، فى عز الأيام العجاف كان الخير يتسرب من بين يديه، كانت عفاف شعيب تشتكى باكية من عدم توافر البيتزا والريش لابن أختها بينما هاشم يقتسم معنا الرغيف وقطعة الجبن وحبة الفول.

هاشم دخل إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أمس الأول، متضامنا مع الدكتورة ليلى سويف والدة الناشط علاء عبدالفتاح، مطالبا بالإفراج عن علاء ووقف المحاكمات العسكرية الباطشة، هاشم ضعيف وبنيانه هزيل، وصحته على قده، وكان من المقرر أن يسافر خلال أيام إلى ألمانيا ليتسلم جائزة اتحاد القلم الدولى لشجاعته فى نشر الثقافة، لكنه لم يعر هذه الأشياء اهتماما ومضى زاهدا ليفعل ما يؤمن به.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة