المشهد مربك لا شك، ومضحك أيضا، الكل يجرى وراء ما يدفع به لنجرى وراءه، لا صوت يعلو فوق وثيقة السلمى، التى إذا وافقت عليها حرصا على مدنية الدولة فستكون غلطانا لأنها مصحوبة بسيطرة الجيش، وإذا رفضتها حرصا على الحرية فستكون غلطانا أيضا لأنها مصحوبة بسيطرة التطرف، وغدا ستحدد الأحزاب ومرشحو الرئاسة موقفهم منها، وما زال حزب الكرامة يدرس مشاركته فى مليونية التوحيد والنور التى دعت إليها الأحزاب الدينية لإلغاء الوثيقة والسلمى معا، والتى تعتبرها فرصة عظيمة قبل الانتخابات التى سيتم إجراؤها آخر الشهر فى غياب جهاز الشرطة الذى لم يتمكن من حماية مباريات كرة قدم بدون جمهور، وفى ظل دوائر انتخابية «قارية» لن ينجح فيها إلا الذين يملكون أموالا غزيرة تتجاوز السقف، وهم بالطبع الفلول والإخوان والسلفيون، قالوا لنا إن الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ستكون عقوبة من يستخدم شعارات دينية، ومع هذا تضع جماعة الإخوان «التى لا نعرف ما هو وضعها القانونى» ملصقاتها الدينية «الإسلام هو الحل» إلى جوار حزبها «القانونى» الذى «يحمل الخير لمصر»، ويكتب السلفيون «منح صوتك لمن لا يستحق شهادة زور»، باعتبارهم يعرفون كل حاجة، أنصار الشيخ محمد سعيد رسلان السلفى الأشمونى وزعوا كتيبا فى العيد يحرم الانضمام إلى حزب النور السلفى «لأنهم أشاعوا التحزب فى الأمة»، ولكن الداعية السلفى محمد على «مرشح فى إمبابة» قال لـ«المصرى اليوم» إنه ترشح بسبب أحداث ماسبيرو، لأن البرلمان يحتاج إلى عقلاء لإزالة أى احتقان بين المسلمين والأقباط، وهو متأكد أن الانتخابات سيتم تزويرها لأن أمريكا تخطط لهذا، وإن السلفيين والإخوان لن يحصلوا على أكثر من 30%، بينما مصطفى الفقى قال لـ«اليوم السابع» 25% إخوان و15% سلفيون، أنت لا تعرف كيف عرف هؤلاء النتيجة، و«الكنترول» مغلق، ولا أحد يعرف كيف يفكر الناس الذين يحلمون بأيام أفضل، المحللون الفضائيون المعتمدون منذ سنوات تحولوا إلى «قعر مجلس» وحكماء تقرأ لهم أو تستمع إليهم تشعر أنك تعيش فى أجواء انتخابات العام الماضى سيئة السمعة، مع اختلاف بسيط هو أن المحظورة استردت اسمها المسلوب، وتشعر أيضا أن صحتهم باتت أفضل وملابسهم أشيك، لا أحد يعرف ما الذى سيحدث، ولكن المؤكد بإذن الله ستكون الأحوال أفضل مهما كانت النتيجة، رغم غطرسة الذين يديرون شؤون البلاد، ويقين رموز الإسلام السياسى المثير للإعجاب والضحك، ودحلبة فلول النظام السابق.. بعض مرشحى النور السلفى حصلوا على رمز الفانوس فقالوا إنهم سيستخدمونه فى إضاءة العالم، وقال خصومهم: «سيحضرون به العفاريت»، العربى الناصرى حصل على رمز المسدس وقالوا إنهم سيشهرونه فى وجه الظلم والفساد، والعدالة والحرية أخذ رمز الوفد التقليدى الميزان، وأخذ الوفد المصباح، واحتج سلفيو الفيوم على رمزى الجيتار والبيانو لأنه لا يصح، مشاهد تصلح لمسرحية كوميدية، لا انتخابات ترسم خريطة للمستقبل بعد ثورة عظيمة تتم سرقتها عينى عينك، فى ظل وجود النظام القديم كما هو بآلياته وحيله وخبثه، وربما كان جمهور كرة القدم المتشدد «ألتراس الأهلى ووايت نايتس الزمالك» أكثر وعيا ونقاء من كثيرين بدأوا فى ترتيب أوراقهم تحسبا لأى مفاجآت، شعاراتهم تدافع عن الحرية وضد الفلول الذين يديرون اللعبة «نحن ضد اللافتات البذيئة بالطبع»، ولم يدهشنى تقدم سمير زاهر بشكوى ضد هذا الجمهور بعد مباراة الأهلى وإنبى ولم يدهشنى موقف وزير الإعلام بإيقاف أحمد الهن مخرج اللقاء والتحقيق معه لأنه قام بعمله، لأن أسامة هيكل ما هو إلا صفوت شريف صغير يريد إرضاء الفلول الذين فتح لهم التليفزيون على مصراعيه لكى يعيدوا إنتاج الماضى.