بعد معارك الدم فى سوهاج وقنا وكفر الشيخ عاد «الآلاتية» لعزف نغمة الحرب الأهلية ومخطط تقسيم مصر والشر القادم من خلف أبواب الثورة والتغيير وخلافه، وعاد القصاصون للحكى عن تلك الخطة التى اجتمع عدد من الأشرار داخل قبو مظلم يقهقهون وترتفع وتنعقد حواجبهم الكثيفة وهم يضعون الخطة الشريرة لإشعال حروب ومعارك قبلية وعائلية وعرقية وطائفية تؤدى إلى تقسيم مصر إلى ثلاث دويلات.. نوبية فى الجنوب، وأخرى مسيحية فى الصعيد، وثالثة إسلامية فى شرق البلاد.
الخطة الشريرة تنضم إلى خطط أخرى أكثر شرا منها مثل تنظيم البلطجة والعصابات، والجوع القادم بسبب توقف عجلة الإنتاج، وغيرها من الفزاعات التى يتم استخدامها لإقناع الناس بالرضا بما هو مقسوم.
خطة التقسيم التى عاد المروجون للحديث عنها دون تقديم أى إشارة أو دليل، تبدو كفزاعة جديدة لتثبيط الهمم وشغل الناس عن الانتخابات القادمة وتفاصيلها، وتتشابه فى روحها مع الفزاعات التى كان يستخدمها نظام مبارك لتبرير تأخره فى إجراء إصلاحات ديمقراطية وسياسية، بل وتبدو مجرد تعديل أو تحوير لفزاعة نظام مبارك المسماة بالأمن القومى، ذلك المصطلح الفضفاض المطاط الذى كان يتم استخدامه كلما نادى أحدهم بإصلاح ما.
هو نفس الطريق إذن، يستخدمه السادة فى حكومة الدكتور شرف والمجلس العسكرى، نفس الطريق الذى يؤكد أن التغيير الحقيقى لم يحدث بعد وأن ما نشاهده الآن مجرد نسخة معدلة من نظام سابق.
خطة التقسيم التى تبدو جنينا مشوها خرج من بطن نظرية المؤامرة موجودة فعلا وتحدث بشكل منظم، ولكن ليس كما تم تحفيظها لرواد الفضائيات وغيرهم، خطة التقسيم الحقيقية التى يتم تنفيذها الآن تتعلق بتقسيم المواطنين المصريين وليس مصر، تقسيمنا نحن إلى ثلاث دويلات.
الأولى تضم الخائفين، هؤلاء الذين نجحوا فى إخافتهم من البلطجة والانفلات الأمنى والجوع القادم فخرجوا ينادون بأن كفاية مظاهرات ولنجلس فى بيوتنا وندع أهل الحكم يتصرفون، والثانية دولة أصحاب المصالح، هؤلاء المتحولون الذين أغرتهم المكاسب السريعة فتركوا مواقعهم فوق الجبل وهرولوا نحو الغنائم، أما الدولة الثالثة فهى للمحبطين، هؤلاء الحالمون المحاصرون بالاتهامات والمصطلحات الشهيرة «مافيش فايدة» وليس فى الإمكان أبدع مما كان، و«الصبر إنتم مستعجلين على إيه»، وغيرها من الكلمات التى أصبح استخدامها مكررا فى وسائل الإعلام، وعلى لسان السادة المسؤولين كلما وجدوا شابا متحمسا أو جماعة أو تيارا سياسيا يضع خطط طموحة فى حاجة إلى توقيتات زمنية ووعود صريحة بالتنفيذ.
هذه هى الخطة الحقيقية لتقسيم مصر وتمييع العملية الانتخابية.. تقسيمها بشريا وليس جغرافيا، وتقسيم البشر لو تعلمون أقسى وأخطر لأن معه تبدأ حرب جديدة من الكراهية والتخوين، حرب بدأت مشاهدها حينما جعلت كل فئة فى مصر لنفسها ميدانا، أصحاب المصالح فى مصطفى محمود، والخائفون فى روكسى وأمام المنصة، والمحبطون فى التحرير، ومن كل ميدان تنطلق مدافع الكراهية والتخوين واحتكار مصلحة وحب والوطن، دون أن يعلم أحد أن تلك الدانات تنزل فوق رأس الوطن بالخراب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة