النقاش حول الدستور وارد وواجب على الشعب الذى يفترض أن يفرض إرادته، وليس لأى ممن يزعمون الحديث باسمه.. الشعب يريد العدالة والحرية والمساواة، وآليات تنفيذ هذه المبادئ، ومهما كانت المبادئ والمواد فإنها تبقى مجرد حبر على ورق، ما لم تتوفر الآليات والإرادة لحماية تطبيقها، وضمان عدم الانقلاب عليها، فقد كان دستور 71 مليئا بمواد الحريات، لكنه تحول إلى خرقة فى يد نظام تداخلت فيه السلطة بالثروة، وجرت فيه أكبر عملية عزل للشعب وإهدار لحقوقه.
المشكلة أن الأولويات تختفى وسط جدل حول كل ما يثير الخلاف، ولا نظن أن أغلبية الشعب المصرى تختلف حول على أن الدولة القادمة يجب أن تضمن لكل مواطن الحق فى العمل والتعليم والعلاج والمسكن وضمان اجتماعى للشيخ واليتيم والضعيف. المواطن يستحق أن يحصل على عمل يضمن له دخلا يكفيه هو وأسرته وألا يبقى نصف الشعب فقيراً ونصفه متسول، وأن تكون هناك لجان مستقلة تمنع الوساطة وتضمن أن يحصل الأكفأ على الموقع الأفضل وليس الأغنى أو الأقرب للسلطة.
يجب أن يضمن الدستور القادم الحق فى تعليم محترم بصرف النظر عن أحواله المادية، فالتعليم الحالى يتيح للأثرياء ما لا يتيحه للفقراء، الفقراء لا يتعلمون، وإنما فقط يذهبون لمدارس لا تؤهلهم للمنافسة، ولم يحمهم الدستور الذى كان ينص على أن التعليم حق، نفس المواطن يجب أن يحصل على حقه فى العلاج فى مؤسسات صحية توفر له العلاج وليس الموت كما هو حادث، حيث يعجز غير القادر على دخول مستشفى حكومى خرب، بينما القادرون يعالجون فى مستشفيات فندقية ويمتلك بعضهم خيار العلاج فى الخارج. وفوق هذا حرية التعبير والاعتقاد ضمن قواعد يضعها المجتمع، مع ضمان ألا ينقلب أى فصيل على الديمقراطية.
«عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» كانت المبادئ الثلاثة الأولى فى ميدان التحرير عندما كان ميدانا للجميع، حيث يصعب تمييز اللون أو الجنس أو العقيدة. قبل أن يقفز الانتهازيون والنجوم والمتنطعون ليمارسوا الشوشرة ويزرعوا الفرقة والجدل العقيم.
المطالب واضحة وبسيطة، تتضمن حقوق المصريين، لكن الأيام انتهت وحلت محلها الجدل حول أولوية الجلوس فى الصف، والحديث مع المجلس العسكرى، وما يحققه الزعيم من الزعامة وما يحصل عليه كل فصيل من مقاعد.
وسط الجدل المحتدم حول المبادئ فوق أو تحت أو حول الدستورية اختفت مطالب الشعب فى الحرية والعدالة والمساواة، وتركزت حول المسميات والأفضليات ورغبة كل فريق فى فرض وجهة نظره على الآخرين.. هناك ملايين المصريين لا يمكن لأحد الزعم بأنه يمثلهم، لا جماعة ولا حزب ولا تيار.
أياً كان الجدل، فالمصريون يريدون دولة لهم جميعاً يتساوون فيها أمام القانون، وتكون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وليأت من يأتى لينفذ هذا، قبل أو بعد الدستور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة