إن لم نرسخ آليات وقواعد للمحاسبة العادلة بشفافية وعلانية، فقل على هذا البلد يا رحمن يا رحيم، وإن تسامحنا فى المال العام وفرطنا فى تاريخنا وحضارتنا وآثارنا وأمننا الوطنى، فى الوقت الذى يجب فيه أن ننتبه لكل كبيرة وصغيرة، فلا يجوز أن نسمى تسامحنا هذا إلا تواطؤ أو مشاركة فى جريمة فى حق الحاضر والماضى والمستقبل، وإن كانت العشوائية هى من أتت بـ«مصطفى أمين» ليكون أمينا عاما للمجلس الأعلى للآثار، فمن الصعب أن تظل «العشوائية» هى التى تحافظ عليه فى منصبه، خاصة بعد أن ظهرت مساوئه كلها دفعة واحدة فى قضية الموافقة على ما يسمى بالحفل اليهودى أو الماسونى الملغى والذى كان من مقرر أن يتم يوم 11 من نوفمبر الحالى.
أخطاء عديدة وقع فيها «أمين» وحام حول الموافقة على إقامة «الحفل اليهودى» العديد من الشبهات، وتعمده لمخالفة الأصول المتعارف عليها فى تمرير القرارات الحساسة، تطرح أكثر من علامة استفهام، وهنا لنا الحق أن نتساءل: لماذا لم يراع «أمين» أصول العمل الأثرى؟ ولماذا لم يعرض قرار الموافقة على الحفل أمام مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، خاصة أن كثيرين من أعضاء هذا المجلس أكبر منه سنا وعلما وخبرة، كان من المؤكد أنهم سيرفضون إقامة الحفل؟
لماذا أيضا لم يلتزم «أمين» بعرض القضايا ذات الحساسية الفنية على اللجنة الدائمة لحفظ الآثار المصرية لإبداء الرأى، خاصة أنه غير متخصص فى الآثار الفرعونية وإنما فى الآثار الإسلامية؟ وكيف له أن يعالج خطيئة الموافقة على الحفل بخطيئة أخرى وهى غلق الهرم فى وجه الزائرين، ما يعقب ذلك من إساءة للسياحة ولسمعة مصر التى ادعى أنه يحافظ عليهما؟ ولماذا اختص «أمين» شركة دون سواها بمنح هذه التأشيرة المشبوهة وما الأساس القانونى الذى اعتمد عليه فى تفضيله لهذه الشركة؟
أتساءل عن الأساس القانونى لهذه الأفعال، وأدعو جهات التحقيق فى مصر إلى الكشف عن ملابسات القضية، خاصة أن هناك العديد من الأقاويل التى إن تركناها على حالها دون تحقيق أو تفنيد، سنفقد الثقة مرة أخرى فى مؤسساتنا، فلو علمنا إن كان من المقرر أن تدفع الشركة منظمة الحفل مبلغ 130 ألف جنيه، وأنها كانت تطمح فى أن تجلب خمسة آلاف زائر، يدفع الواحد منهم 40 دولارا، ثمنا للتذكرة الواحدة، فمعنى ذلك أن الحصيلة كان مقدرا لها أن تقترب من 6 ملايين جنيه مصرى «من أجل زيارة الهرم الذى هو ملكية للمجلس» والفارق بين ما كان المجلس «صاحب الحق الأصلى» سيتحصل عليه وما كانت ستجنيه الشركة «مهول» ونحن نتساءل، ألا يعد هذا الفارق المهول إهدارا للمال العام؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة