فى إحدى الجامعات الخاصة بأكتوبر وقف الأستاذ الجامعى ليسأل الطلبة عن رأيهم فى الأحزاب، فأدلى كل طالب بدلوه ووقفت طالبة تقول للأستاذ: إن أحزاب الإسلام السياسى تستغل الدين لدى البسطاء لتسيطر على السلطة. وحكت له بعض ما حدث فى صلاة العيد وتوزيع الخرفان من حزبى الحرية والعدالة والنور السلفى، بل وقالت إنها ذهبت للصلاة فى الساحة ووجدت امرأة منتقبة تستوقفها وتطلب منها عنوان منزلها وتليفونها ليوصل لها الحزب قائمة بالأسماء التى عليها أن تنتخبها، وكذلك ليرشدها إلى رقم لجنتها. وعرضت أن يأتى لها هى وأسرتها بسيارة لتوصيلها إلى لجنة الانتخاب. وحكت أنها رفضت لأن فكرها يعارض أسلوب هذه الجماعات التى تحتقر المرأة، حتى أنهم رفضوا نشر صور المرشحات ووضعوا بدلاً منها «زهرة»، وقالت للأستاذ إنها مسلمة، لكنها تختلف مع فكرة استخدام الدين فى السياسة، فما كان من الأستاذ إلا أن طردها بعد نقاش انفعالى سريع، وقال لها: «إنتى مالكيش علاقة بالإسلام». ومنعها من حضور محاضراته، ثم تحدث عن الإخوان والحرية والعدالة. عندما علم عميد الكلية بما حدث استدعى الأستاذ الذى وجده ملتحيًا وسأله: هل أنت عضو فى حزب الحرية والعدالة؟ فقال له: نعم. فقال له: من حقك أن تكون عضوًا فى أى حزب، لكن لا تفرض رأيك على الطلاب، ولأنك تدرس مادة لها علاقة بالرأى العام فلابد أن تكون محايدًا عندما تعرض المنهج المقرر.. المهم أن العميد وضع رقابة على الأستاذ ووجده لا يلتزم بما أملاه عليه، فقرر العميد أن يرفع تقريرًا لرئيس الجامعة الخاصة، فما كان من رئيس الجامعة إلا أن صدمه بأن هذا الأستاذ قريب له ولزوجته صاحبة الأسهم فى الجامعة، وطلب أن يتركه يفعل ما يشاء.. صاحبة الحكاية حكت لى ما حدث، وقد قررت أن تنتقل من هذه الجامعة الخاصة إلى جامعة أخرى، خصوصًا أن الجامعة تحصل منها على عشرات الآلاف من الجنيهات.
وهذه الحكاية تحمل دلالة خطيرة على أن رأس المال المتحكم فى العملية التعليمية فى مصر أصبح له ظل سياسى أو ضلع حزبى خطير يدعو لأحزاب الإسلام السياسى أو تيارات وقوى تفرض أجندتها بقوة على النشء والشباب، وتقوم بالدعاية السياسية مدفوعة الأجر داخل حرم الجامعة المقدس والمنوط به أن يبعد عن كل أشكال التحزبات والصراعات السياسية، نعم، لا نريد أن يكون الطلاب بعيدين عمّا يحدث، حتى لا نكرر مأساة السبعينيات والثمانينيات وسنوات مبارك القمعية ضد الطلاب وحرية الرأى، لكن لا نترك ساحات الجامعات مرتعًا لأبواق المتطرفين والمتحزبين، مطلوب مناظرات سياسية وفكرية يقارع فيها أصحاب الأفكار والتيارات بعضهم ببعض بالحوار البناء غير القائم على القهر بين الأستاذ والطالب.. «ولاَّ إيه؟»، أما أن يفرض الأستاذ رأيه بالقوة ومن موقعه كأستاذ فهذا إرهاب فكرى، وقد كنا فى الماضى ندافع عن أصحاب الآراء المقموعة، ومنهم الإخوان، هل اليوم ندافع عن المختلفين معهم لأنهم تبادلوا المواقع والكراسى؟؟ أما رؤوس أموال الإخوان وتأثيرها فى الشارع المصرى فهذا ملف آخر شائك وخطير!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة