لا أجد مبررا أو تفسيرا لورطة بعض رموز اليسار والقوى الليبرالية فى المشاركة مع أحزاب وتيارات الإسلام السياسى فى رفض وثيقة المبادئ الدستورية سوى العشم والطمع الانتخابى، وحرج التنسيق معها فى التحالف الديمقراطى الذى يقوده حزب جماعة الإخوان منفردا بعد انسحاب العديد من الأحزاب، وانتهى به الحال إلى حوالى 11 حزبا غالبيتها أحزاب صغيرة.
بعض ممثلى ورموز التيار الليبرالى واليسارى فى التحالف الديمقراطى انساقوا للأسف وراء الموقف الرافض تماما لوثيقة المبادئ الدستورية برمتها من تيار الإسلام السياسى والتى كشفت صراحة عن مرجعيتها الدينية التى تتعارض مع المبادئ الأساسية فى الوثيقة والتى لا يمكن الاختلاف حولها والتى تؤكد على الثوابت الوطنية للدولة المصرية عبر مراحل نضالها التاريخى بالتأكيد على مدنية وديمقراطية الدولة على أساس المواطنة واحترام التعددية والحريات والمساواة دون تمييز أو تفرقة على أساس دينى أو عرقى أو طائفى، وحظر إنشاء الأحزاب على أساس دينى.
الهجوم الضارى من السلفيين والإخوان على الوثيقة له دوافعه وأسبابه، ورفضهم الظاهرى للمواد الخاصة بوضع الجيش فى الدستور والرقابة على ميزانيته يخفى وراءه غضبا وحربا ضروسا ضد المواد الأخرى الحاكمة للثوابت الوطنية، خاصة المادتين الأولى والرابعة، فالسلفيون فى بيانهم بالأمس أعلنوا رفضهم لمدنية الدولة ومنع قيام الأحزاب على أساس دينى، ووصفوا الوثيقة بالفاشية، لأنهم يريدونها إسلامية وهابية تحت غرور الثقة فى أنهم القادمون لحكم البلاد والسيطرة على البرلمان القادم.
رفض الوثيقة والحشد ضدها فى مظاهرة الجمعة المقبل هو الباطل بعينه، والعيب هنا على القوى الليبرالية واليسارية التى ترتضى الآن أن تنزوى تحت عباءة الإسلاميين الجدد وتتبنى مواقفهم فى مصادرة مستقبل لصالح أفكار ورؤى رجعية وهدم ثوابته الوطنية.
فالاعتراض على بعض المواد فى الوثيقة لا يبرر إطلاقا الدعوة لمليونيات استعراض القوة فى هذه الظروف الصعبة من تيارات وجماعات لا تستهدف مصلحة هذا الوطن، فوجود مادة أو مادتين فى الوثيقة لا يستدعى كل هذا الهجوم وإثارة الغبار والزوابع حولها، والخروج إلى مليونيات دون الاحتكام الى فضيلة الحوار.
والسؤال للأحزاب الليبرالية واليسارية هو: هل يدفع العشم والطمع والتنسيق الانتخابى الأحزاب إلى التخلى عن الثوابت والمبادئ الأساسية فى الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة لنيل رضا الإسلاميين فى الانتخابات المقبلة؟