الصراحة الراحة كما تقول الأغنية الشعبية «الأبيحة» التى ظهرت وطغت فى زمن مبارك الردىء.. والراحة تستدعى الاعتراف بأن كثيرا من القلق تسرب إلى نفسك بعد حكم الإدارية العليا الذى ألغى حكم استبعاد أحد مرشحى الوطنى المنحل فى الدقهلية، والقلق هنا قادم من خلف أبواب متعددة، ربما كان من الأفضل أن نسارع بإغلاقها جميعاً حتى نتقى شر ريحها ونستريح!!
الباب الأول:
من خلفه يأتى قلق من قوة أعضاء الحزب الوطنى المنحل أو من اصطلح على تسميتهم إعلاميا بالفلول.
ضرب قرار المحكمة مع بطء الحكومة ولفها ودورانها حول قانون العزل السياسى فى خلاط واحد ينتج عنه مشروب يسمى فى أوساط عصابات الاختطاف والاغتصاب بـ«الحاجة الأصفرا» التى يبدو أن الحكومة ومجلسنا العسكرى يسعيان عبرها لتنويم الشعب المصرى وتبخير مسألة العزل السياسى بكل أشكاله، سواء كان القانون الذى يقول بضرورة عزل جميع الأعضاء وإقصائهم من الحياة السياسية، أو القانون الأكثر احتراما منه الذى يقول بإقصاء الفاسدين منهم بقرار محكمة.
الباب الثانى:
من خلف هذا الباب يأتى قلق مخزٍ ومخجل يتعلق بخوف القوى الثورية والسياسية الجديدة أو تلك التى كانت فى صفوف معارضة نظام مبارك من قوة مرشحى الوطنى المنحل فى الدوائر الانتخابية، ودفع الخوف من الفلول القوى الثورية والسياسية الجديدة أن تعلق كل آمالها على صدور قرار العزل أو على حكم المنصورة الذى استبعد أحد مرشحى الوطنى المنحل فى مواجهة انتشار الفلول بالمال والخبرة الانتخابية فى الدوائر، وحينما تأخر قانون العزل وألغت الإدارية العليا حكم الاستبعاد ضرب الارتباك والحيرة رأس القوى السياسية وخططها وأصاب بعضها بالترنح الذى يهدد أداءها فى المعركة الانتخابية.
هذا الخوف المقترن بعدم ثقة هذه القوى السياسية الجديدة فى قوتها وخططها وقدرتها على التواصل مع الجماهير انتقل بالطبع إلى الشارع، خاصة مع اختفاء وضعف الحملات الدعائية لتلك الأحزاب والقوى الجديدة حتى أصبح السؤال الأكثر انتشاراً بين الناخبين.. فين مرشحين الثورة إحنا مش لاقيين قدامنا غير الإخوان والفلول.. نعمل إيه يعنى؟!
الباب الثالث:
القلق الكامن خلف هذا الباب مزدوج، شطره الأول يخص الفوضى التى تسيطر على أجواء المرحلة الانتقالية لدرجة أن المحاكم تنظر فى قرارات استبعاد مرشحى الوطنى المنحل، قبل أن تصدر الدولة قانون العزل السياسى أصلاً، والغريب أن القوى السياسية هى الأخرى تركت معركتها الخاصة بقانون العزل الذى تماطل فيه الحكومة وهرولت للهتاف أمام محاكم يعلمون بالضرورة أن أحكامها ستصير دخاناً فى الهواء لأن القانون الذى يمثل حطب إزكائها تحتكره الحكومة ويناور به المجلس العسكرى.
الشطر الثانى من قلق هذا الباب يتعلق بمصير البرلمان القادم.. برلمان المرحلة الانتقالية الذى ننشده قوياً ومخلصاً وثورياً ليقود مصر ويعبر بها مستنقعات المرحلة الانتقالية إلى حيث واحة الديمقراطية والاستقرار، ولكن يبدو أن الآمال المعلقة على البرلمان أضخم بكثير من قدرة برلمان تهدده طعون بعضها قصير الأجل يسبب شوشرة ويمنع البرلمان من بداية قوية، وأغلبها طويلة الأمد قد تعصف به فى فترات قادمة حرجة.
الحل:
هل يكمن الحل إذن فى تعاطى بعض الحبوب المهدئة أو المنومة لتجاوز مرحلة الأرق والقلق تلك أم أن جسد هذا الوطن اكتفى من المسكنات واكتشف أنها لم تعد تجدى معه نفعا، ولم يعد أمامه طريقاً سوى إغلاق كل الأبواب التى تتسرب منها الريح الشريرة حتى نستريح جميعاً؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة