جملة واحدة وقفت أمامها فى حيثيات حكم المستشار حاتم فرج الله نائب رئيس مجلس الدولة فى محكمة المنصورة بمنع فلول الوطنى من المشاركة فى الانتخابات، تلك الجملة تقول إن أعضاء الحزب الوطنى «سنوا من القوانين ما يقنن الفساد» فرحت بهذه الجملة كثيراً، وتعشمت أن تكون هذه الحيثيات نبراسا منيراً لإعادة النظر فى القوانين التى سنها الحزب الوطنى ليجعل فساده بعيداً عن أيدى القانون، بإفساد القانون نفسه عبر مؤسساته التشريعية والتنفيذية البالية، وهى الدعوة التى ناديت بها فى العديد من المقالات السابقة، ما جعلنى أقول ها هى الثورة تتنفس وتجد لمطالباتها صدى حتى فى أروقة القضاء، لكن يا فرحة ما تمت، أخذها حكم المحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذ محكمة المنصورة وطار.
لم أجد إجابة لاستفساراتى حول الحكم الأخير، فالمحكمة التى أصدرت هذا الحكم هى ذاتها التى أصدرت حكم حل الحزب الوطنى، وهو الحكم الذى اعتمدت عليه محكمة المنصورة فى إصدار حكمها، فكيف توقف المحكمة «الأم» حكما مستنبتا منها، وكيف تكون حيثيات حكم محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة نسخة طبق الأصل من حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا الخاص بحل الحزب الوطنى بينما النتيجة هى تضارب الحكمين؟
من الواجب هنا أن أعتذر عن ركاكة «الفقرة» السابقة، لكن على أية حال «فالفترة» الحالية بجمودها وتخبطها وتشتتها أشد ركاكة من أى شىء آخر، وإن اعتراك تشتت ما، أثناء قراءة الفقرة السابقة بين «المحاكم والأحكام» فسامحنى لأنى شخصيا أعانى من تشتت أكبر إزاء الشىء نفسه.
كان من المفترض أن تفصل القوانين فيما شجر بين الناس، لكن ماذا نفعل إن كانت القوانين فاسدة كما قالت المحكمة؟، لكن الذى لم تقله هذه المحكمة أو غيرها هو أن من يضع هذه القوانين مستشارون يعملون للوزارات ويتقاضون رواتب خرافية تقدر بمئات الآلاف، وإن كان هؤلاء يعينون أثناء شغلهم وظائفهم وبعد طلوعهم على المعاش فى هيئات ومصالح ووزارات ومجالس فى أيدى الحكومة والحاكم، فكيف للاطمئنان أن يقر فى قلوبنا، وكيف يستقيم أن يكون الحكم هو الخصم، وكيف يجلس أحد هؤلاء على المنصة صباحا ليحكم بين «سيادته» والمواطنين، وبعد الظهر نجده واقفا أمام مكتب «سيادته» يعرض عليه الأوراق ويدس بينها طلب مكافأة؟
لا أمل لنا إلا القضاء العادل، وإن فقد القضاء هيبته فقل على بلدنا يا رحمن يا رحيم، وللعدالة شروط يجب توافرها ومراقبتها، وإن فسد الميزان فسد «الموزون» بالضرورة، ولا أمل لنا إلا فى مراجعة القوانين وواضعيها، وتطهير مؤسساتنا مما ينخر فيها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة