كان من المفترض أن استكمل اليوم حديثى عن عنصرية القنوات الدينية، مستشهدا بحالات الانفلات الإعلامى التى تشهدها تلك القنوات، مستدلا بما أذاعته على ما اتهمتها به، لكنى اضطررت إلى قطع هذا الحديث بعد مشاهدتى لفيديو أعدته مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية»، يتضمن تسجيلا للبنت المصرية «سميرة إبراهيم».
سميرة، بسيطة فى شكلها، جبارة فى صلابتها وإصرارها، وجسارة روحها، هى إحدى البنات اللاتى تعرضن لكشف عذرية على أيدى قوات الجيش المصرى، بعد فض اعتصام 9 مارس فى التحرير، سميرة بنت صعيدية سوهاجية، تعرف كيف تكون الصلابة فى الأيام الرخوة، وتعرف حقها ولا تيأس من الحصول عليه، تستنجد بالمصريين لحمايتها من التهديدات المتلاحقة على تليفونها من هواتف لا تظهر أرقامها، أملها فى مصر وشبابها الأصلاء الأوفياء الأنقياء الأتقياء فى أن يأتوا إليها بحقها.
سميرة تبكى، وهى تذكر وقائع كشف عذريتها، وعبث أحد ضباطنا الأفاضل بأعضائها الحساسة لمدة خمس دقائق، أمام غيره من الضباط والجنود، وهم يضحكون ويقهقهون، سميرة تعرضت للضرب والاعتقال وجلسات الكهرباء، لكنها ظلت صامدة، تقول سميرة: لو سكت على اللى حصل لى، ممكن يتكرر الكلام ده مع بنات غيرى، ومعها ألف حق طبعا، فقد تكررت هذه الانتهاكات أكثر من مرة بصور مختلفة مع غيرها من الشباب، وليس عليك إلا أن تبحث على محرك البحث «جوجل» لترى الفيديو الخاص بها، فقط أكتب «سميرة والجيش: قصة فتاة مصرية»، لينعصر قلبك من الألم، وينكسر من المهانة، ولتعرف أن أدعياء الشرف من نخبتنا السياسية هم أبعد الناس عنه.
هم يرفعون شعارات طنانة، لا يبتغون منها إلا استغفال الشعب للوصول إلى الحكم، مؤامرة مطبوخة يشترك فيها كل من السيد رئيس الوزراء عصام شرف الذى لا يتحلى بأى «شرف»، ويساعده عليها أحزابنا الليبرالية التى لا تعرف من الليبرالية إلا اسمها، مضافا إليهم «الإخوان المسلمين» الذين أصبحوا نسايب الحكومة، ونسوا أن أسفلت السجن الحربى مازال عالقا بظهورهم، وبمباركة الفلول ومن تبعهم، وفى المقدمة شيوخنا الأفاضل، زراع «الثورة المضادة الأطول»، والنتيجة هى الارتداد إلى جاهلية حسنى مبارك، فلا تسأل عن شرف الكلمة ولا قدسية الوعد، فلا شرف لمن لا يملك كلمته، ولا وعود إلا للأحرار، وليس العبيد.
وبالمناسبة، أود هنا أن أسأل القائمين على قنواتنا الدينية: أين قصة سميرة من برامجكم؟ فسميرة من أسرة متدينة، أبوها وخالها كانا أعضاء فى «الجماعة الإسلامية»، وسبق اعتقالهما أيام مبارك، ولهذا شاركت فى يوم 25 يناير الماضى، وما تلاه من أيام، فنالها من التنكيل ما نالها، فمن باب أولى أن تدافعوا عن شرفها يا أدعياء الشرف، بالمناسبة أيضا يسقط يسقط حكم العسكر، وأشوفكم فى الميدان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة