صدر مؤخراً عن دار الكتاب العربى كتاب "الشيخ الرئيس رجب طيب أردوغان.. مؤذن اسطنبول ومحطم الصنم الأتاتوركى"، للكاتب الصحفى المصرى شريف سعد الدين تغيان.
ويعد هذا الكتاب الأول الذى يصدر باللغة العربية عن رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، الذى استطاع من خلال مواقفه السياسية تجاه القضايا العربية والإسلامية خاصة القضية الفلسطينية أن يصنع علاقة طيبة بالعالم العربى، ويقدم الكتاب الكثير من المعلومات التفصيلية عن كيفية أصبح رجب طيب أردوغان بطلاً قومياً ليس بتركيا فقط بل للعالم العربى، وربما الإسلامى كذلك.
يحاول الكتاب الإجابة عن السؤال: لماذا "أردوغان" تحديداً نجح فيما فشل فيه الكثيرون من القادة؟ حيث جمع بين حب واحترام وإعزاز الجماهير فى مختلف دول العالم الإسلامى، وتقدير قادة نفس العالم ممن جاء أغلبهم للحكم إما عبر دبابة أو انتخابات مزورة، فى الوقت الذى كان طريق أردوغان للسلطة مليئاً بعقبات الديمقراطية العلمانية.
ويوضح المؤلف كيف أرسى حزب أردوغان صورة جديدة من الإسلام السياسى؟، وصولا لولادة الجمهورية الثانية، وتحطيم الصنم الأتاتوركى على يديه بنجاح دون إطلاق رصاصة واحدة، وتحجيمه لدور المؤسسة العسكرية، ومدى تأثير سياساته الخارجية فى تطوير مستوى علاقات تركيا بالدول العربية والإسلامية بعد فترة انقطاع؟، إضافة لإعادة تقييم علاقات تركيا الأتاتوركية مع الحليف الأميركى، وتابعه الصهيونى.
ينقسم الكتاب إلى سبعة أبواب، فيتناول الباب الأول "النشأة والصعود" ويروى فيه البداية فى يوم 26 فبراير 1954م وهو يوم مولد أردوغان، حيث ولد فى حى شعبى فقير بالجزء الأوروبى من أسطنبول، كان والده يعمل فى سلاح خفر السواحل التركى، ورباه هو وباقى إخوته الأربعة تربية إسلامية ملتزمة، وأبدى الصبى من صغره ذكاء وقوة فى المنطق ووضوحاً فى الرؤية جعلت أحد أساتذته يطلق عليه لقب "الشيخ رجب"، وخلال فترات تعليمه المختلفة كان أردوغان يساعد أباه فى مصاريف دراسته، وكان يبيع شراب الليمون والبطيخ بشوارع اسطنبول.
يرى الكاتب أن تجربة أردوغان فى رئاسة بلدية اسطنبول هى بدايته الحقيقية فى إثبات قدرته على أنه رجل اقتصاد وسياسة ملهم ومبدع نجح على مدار أربع سنوات "1994-1998" فى انتشال المدينة من الإفلاس وحل الكثير من مشكلاتها مثل انقطاع المياه والكهرباء وتفشى القذارة، وعندما سُئل أردوغان عن نجاحه فى تخليص البلدية من ديونها قال: لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه..إنه الإيمان ولدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام، لكن نجاحه المبهر لم يشفع له عند القوى العلمانية التى اتهمته بإثارة المشاعر الدينية لدى الشعب عندما تلى بعض أبيات الشاعر التركى ضياء اوك ألب: مساجدنا ثكناتنا.. قبابنا خوذاتنا.. مآذننا حرابنا.. والمصلون جنودنا… هذا الجيش المقدس يحرس ديننا. فكان مصيره السجن 10 شهور والحرمان من ممارسة أى نشاط سياسى.
بينما تناول الباب الثانى "سياسة مؤذن اسطنبول" حيث لخص سياسة أردوغان فيما كتبته مجلة الإيكونوميست، بأنها سياسة توصلت إلى حالة "تصفير المشاكل" مع جميع دول الجوار بما فيها اليونان، وإيران، والعراق، ثم تأتى معركته الكبرى وهى الاقتصاد التركى المهترئ الذى استطاعت حكومة العدالة والتنمية فى سبع سنوات تخفيض نسبة التضخم من 70% إلى 10% ، وارتفاع متوسط دخل الفرد من ٣٠٠٠ دولار إلى ما يقارب ١٠٠٠٠ دولار، فارتفعت مرتبة الاقتصاد التركى ليحتل المكانة 16 على مستوى العالم والسادسة على مستوى أوروبا.
كان دوره الكبير فى حل المشكلة الكردية التى كانت سبباً فى مقتل عشرات الآلاف فى الثمانينات، فما كان منه إلا أن أضعف النهج الأمنى فى التعامل مع القضية وإفساح المجال أمام العمل السياسى ليأخذ حيزاً أوسع بعيداً عن تأثير الجيش.
ويتناول الباب الثالث "تحطيم الصنم" فى هذا الباب كيف استطاع أردوغان تقليم أظافر العسكر داخل تركيا، وإعادة الإسلام التركى شيئاً فشيئاً دون عنف وإنما بالقانون، حيث دأبت حكومة أردوغان على إجراء تعديلات دستورية وصلت إلى وضع تصرفات الجيش المختلفة تحت رقابة ومحاسبة البرلمان والأجهزة الدستورية.
استطاع حزب العدالة والتنمية إعادة الهوية الإسلامية لتركيا بسياسته التى تجمع بين احترام علمانية الدولة التركية والتزام الليبرالية الاقتصادية وديناميات السوق الحرة الدافعة بتركيا نحو اندماج غير مشروط فى زمانية العولمة من جهة ورؤى اجتماعية وثقافية وأخلاقية محافظة تعود فى الأساس إلى مرجعية الحزب الإسلامية من جهة أخرى.
الباب الرابع "الثورة الأردوغانية" يتناول فيه الكاتب بشكل أكثر تفصيلاً "الانقلاب الدستورى" الذى قام به أردوغان، والتغيرات الجذرية التى قام أردوغان بإدخالها على الدستور التركى.
الباب الخامس "من الحلم الأوروبى إلى الواقع الإسلامى" تناول السياسة الخارجية التركية وكيف أصبحت تركيا داعمة للحقوق العربية، ثم الامتداد التركى إلى قارات العالم كافة.
الباب السادس "من الشراكة إلى الصدام" يتناول الكاتب العلاقات التركية الأمريكية فى ظل حكم حزب العدالة والتنمية ثم العلاقات التركية الإسرائيلية حتى مأساة قافلة الحرية التى توجهت إلى غزة فى مايو 2010 وتم الاعتداء عليها من قبل القوات الإسرائيلية.
بينما يعرض الباب السابع "وثائق و صور" مجموعة من أهم خطب أردوغان وصوره فى مختلف المناسبات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة