ما بين الشد والجذب الذى يجتاح الشارع المصرى بشأن الأصلح للمرحلة القادمة، "حكم إسلامى أم دولة مدنية"، خلعت المدونة علياء المهدى ملابسها على الملأ وتحولت من مغمورة إلى أشهر من مرشحى الرئاسة ومينا دانيال ووائل غنيم.. نسى كثير من المصريين، خاصة الشباب، خلافاتهم ومشاكلهم الشخصية وظلوا يبحثون عن "مذكرات ثائرة" – عنوان مدونة علياء على الإنترنت – وكنت أنا واحداً من هؤلاء الذين شاهدوا صور علياء ذات العشرين ربيعاً.
حين شاهدت الصور العارية تدافعت بداخلى الأسئلة: من هذه الفتاة؟ ولماذا فعلت ذلك؟ أهى حقاً تؤمن بالحرية إلى هذا الحد؟ أم أنها فقدت الأمل فى الغد وعشقت الشهرة، فلم ترَ طريقاًَ للوصول إليها أقصر من ذلك؟.. لكن سرعان ما انصرف تركيزى عن الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها إلى الواقع الذى أصبحنا نعيشه فى هذه الأيام.
والواقع المرير يا سادة سببه التشتت الذى تشهده مصر وبشكل غير مسبوق، فلأول مرة لم يعد الكثير فى المجتمع لا يعرفون ماذا يريدون بالضبط؟ ولا دليل أكثر قوة على ذلك من مليونية اليوم، التى خرجت فيها التيارات والقوى الوطنية غير متفقة على شىء.. كل يغنى على ليلاه، فالإسلاميون يصرون على أن تكون لجنة تأسيس الدستور من اختصاص البرلمان، والعلمانيون يرون أن جميع أطياف الشعب يجب أن تشارك فى تأسيسه باعتباره منهج حياة لا تعبير عن حقبة بعينها.
الإسلاميون يعتقدون تحقيقهم أغلبية برلمانية، ومن ثم خلق دستور يهدف إلى أسلمة الدولة، والعلمانيون متخوفون من ذلك ويريدون وضع أسس دولة مدنية، مع رهانهم على خسارة التيار الإسلامى لشعبيته من أول جولة يحكم فيها البلاد، حيث سيواجه بمشكلات تحتاج إلى معجزات لحلها ومنها الأزمة الاقتصادية ومطالب العمال.
الإسلاميون أرادوا الاحتكام للبرلمان فى تأسيس الدستور ولهذا تظاهروا اليوم، وهذا منطقى فى ظل السعى الحميم للسيطرة على الكعكة، لكن الغريب هو مشاركة التيارات الليبرالية أو قل بعضها فى المظاهرات ذاتها.. فهل هذا محاولة منهم لإثبات الوجود حتى وإن كانت النتيجة عكس إيديولوجيتهم أم محاولة لعدم ترك الساحة، وبالتالى إظهار قوة الإسلاميين وقدرتهم على الحشد متى أرادوا؟ أم أن من بين هذه التيارات من يؤيد مطالب الإسلاميين فى أسلمة الدولة، خاصة أن الشخصية المصرية تميل بالفطرة إلى التدين.
ويبقى السؤال الأخطر: ماذا لو استجابت الحكومة لمطالب الإسلاميين بعد مليونية اليوم، وألغت وثيقة السلمى أو بنود منها وقررت الاحتكام للبرلمان فى مسألة تأسيس الدستور؟ بالطبع سيرفض العلمانيون وسيخرجون فى مليونية مماثلة، وفى كل مرة يجب أن تستجيب الحكومة وتستمر المهاترات إلى ما شاء الله.
فى هذا المقال لا أجد حلولا أطرحها لأن أى حل سيواجه بوجهات نظر تبدو منطقية، وجميعها متناقضة فى الحقيقة، هذا إذا لم أواجه اتهامات بالتخوين والارتماء فى أحضان قوة معينة أو حتى اتهامى بحب الوطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة