وسط تأكيدات السادة اللواءات أعضاء المجلس العسكرى، أن المجلس لا ينتوى ترشيح أى من أعضائه للرئاسة، وأن المجلس عازم على ترك السلطة للمدنيين، ساد أعضاء المجلس وعلى رأسهم المشير محمد حسين طنطاوى صمت كبير إزاء حملة ترشيح المشير رئيساً التى يقودها الائتلاف المسمى بـ"مصر فوق الجميع"، وهو ما يضع العديد من علامات الاستفهام حول تصريحات السادة اللواءات أعضاء المجلس التى جزمت وتعهدت بعدم ترشيح أعضائها للحكم المدنى.
تصريحات محمود عطية، المنسق العام للحملة الشعبية لتأييد ودعم المشير محمد حسين طنطاوى، القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيسًا التى نشرها اليوم السابع أمس تؤكد أن الحملة تتحرك بحرية تامة، وأنها لم تلقَ اعتراضاً من أحد على نشاطاتها، وربما توحى بأنها تلقى ترحيباً، فقد قال إن عدد مؤيدى الحملة تجاوز الـ17 ألفًا فى جميع المحافظات، وأن الفترة المقبلة ستشهد تحركات أكبر للحملة فى المحافظات لجمع التوقيعات المؤيدة، ولم يكتف عطية بهذا، بل شن هجوماً حاداً على جميع مرشحى الرئاسة، لاعباً على وتر أن المشير هو الضمانة الحقيقية للاستقرار، وهو ما يغازل به قطاعاً عريضاً من الشعب يريد أن يتحصل على "الأمن والأمان" بأى شكل، والسكوت على مثل هذه المداعبة والمغازلة للشعب فى نظر الكثيرين تنال من ثقة الناس فى المجلس، وتزيد من الاعتقاد بنظرية المؤامرة والتى تفترض أن المجلس العسكرى يتعمد عدم علاج مشكلة الانفلات الأمنى ودعمها لتعم الفوضى البلاد، ومن ثم يلاقى ترشيح المشير للرئاسة قبولاً باعتباره المنقذ من الفوضى، وهو أيضاً ما لا يقبله الكثيرون مما يدخل البلاد فى دوامة لا يعلم مداها أحد.
وفى ظل الصمت على هذه الحملة ونشاطاتها، بدأت الممارسات غير السوية فى الظهور، فقد نظم منسق "المشير رئيساً" مؤتمراً لحملته فى مدارسة "ألفرير دى لاسال" التى نظمت سابقاً حفلاً للراقصة "دينا" ولاقى اعتراضاً مجتمعياً كبيراً، وعمل هذا المؤتمر والسكوت عليه قد ينذر بتكرار الأمر مرات ومرات، ومن ثم تصبح مدارسنا ومؤسساتنا مفتوحة أمام مثل هذه الحملات، ومغلقة أمام غيرها، فقد منعت إدارة الأمن بمديرية تعليم القاهرة عقد ندوة للناشط مصطفى النجار، أحد مؤسسى حزب "العدل"، داخل مدرسة ببا اللوق للحديث، وكان من المفترض أن يتحدث فيها عن الثورة وأهدافها وهو ما يدخل تحت مشروع التثقيف السياسى وليس الدعاية السياسية، ولكن مع هذا تم منع الندوة، بدعوى وجود قرار سابق بعدم السماح لإدخال وزارة التربية والتعليم طرفاً فى الحراك السياسى، كما رفضت نفس المديرية السماح لأعضاء من النقابة المستقلة للمعلمين بتنظيم مؤتمر داخل مدرسة حكومية بحلوان لأن المدارس، وفق رؤية المديرية، ليست ساحة للعمل النقابى، فكيف تغلق المدارس فى أمام كل الأطياف السياسية والنقابية وفى ذات الوقت تفتح أبوابها على مصراعيها أمام "المشير رئيسا"؟
الغريب أن هذه الحملة تتخذ نفس النهج التى اتخذته سابقاً حملة "جمال مبارك رئيساً"، بل تتبنى نفس الخطاب تقريباً، فقد صرح ممثلها أنه يتحرك فى حملته من تلقاء نفسه بدافع وطنى من أجل الاستقرار، وهو ذات الكلام الذى قاله سابقاً "مجدى الكردى" الذى كان يقود حملة جمال مبارك، كما يتلاقى الاثنان فى الادعاء بأنه لا يوجد أحد أمامنا ولا أحد يصلح للرئاسة إلا "المشير عند عطية" أو "جمال عند الكردى" ومع مرور الأيام والتزام المجلس العسكرى للصمت تجاه هذه الحملة قد تصبح مؤسسات الدولة مشاعًا أمام مؤيديها على مرددين أنهم من المرضيين عنهم من المجلس وأنهم يتمتعون بنفوذ فى المؤسسة الحاكمة والجالسة على رأس الدولة، وهو ما يثير الشكوك فى قرارات وتصرفات المجلس العسكري، ويفتح المجال لاتهامه بأنه يدير المرحلة الانتقالية لصالحه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة