سنسمع كلاما كثيرا من الحكومة والداخلية والمتظاهرين، ويبقى الأمر تكرارا بطريقة أو أخرى لما جرى فى العباسية، وماسبيرو، والسفارة الإسرائيلية. وإذا بحثت عن الفاعل أو المحرض فلن تجد، والنتيجة فقط استعادة شعور أيام الثورة بكل زخمه من دون وحدة أو اتفاق، وهو شعور زائف «كأنه» الحقيقة.. الميدان واحد والبشر ألوان.
مرت جمعة المطلب الوحيد مثل كل مرة، تجمع المتظاهرون وأنهوا يومهم وأعلنوا مطالبهم، لكن اليوم ترك شرخا ما، وشعورا بالإحباط وتسرب الأهداف الرئيسية للثورة، كان الهدف هو المطالبة بتسليم السلطة لرئيس وبرلمان منتخب، وإعلان رفض وثيقة المبادئ الدستورية، والمطالبة بجدول زمنى من المجلس العسكرى، فى الزحام خفتت مطالب إنهاء المحاكمات العسكرية وحقوق مصابى الثورة.
كانت الجمعة لصالح الإسلاميين الذين كانوا الأكثر تواجدا وتنظيما، وانسحبوا بعد أن أعلنوا مطالبهم ضد الوثيقة والوصاية ومحاولة الالتفاف على الإعلان الدستورى.. كان نجوم اليوم هم حازم أبوإسماعيل وسليم العوا المرشحان المحتملان للرئاسة، وخطباء معهم.
الذين شغلوا الميدان يوم الجمعة تركوه بعد أن أعلنوا مطالبهم، وانصرفوا إلى انتخابات استعدوا لها، وبقى أهالى وأبناء الشهداء الذين رأوا ومازالوا يرون أنهم لم يحصلوا على حقوقهم، قبل أن ينتصف نهار السبت هجمت قوات الأمن لإخلاء الميدان بالقوة، لتشتعل الأحداث من جديد، ظهر شبح العباسية وماسبيرو والسفارة الإسرائيلية، اندلعت المظاهرات فى التحرير والإسكندرية والسويس، وكان الرد بالقنابل المسيلة والرصاص المطاطى والخرطوش.
فى الصدام بين الشرطة والمتظاهرين سقط قتلى وجرحى بالمئات، وفقد عدد من المتظاهرين أعينهم، وأصيبوا بالخرطوش فى وجوههم وأجسادهم، الشرطة تقول إن المتظاهرين بدأوا بالهجوم، ويرد المتظاهرون بأن الأمن بدأ بالعنف والضرب، وأن الداخلية التى تعجز عن مواجهة البلطجة «تتشطر» على المتظاهرين العزل، ترد الداخلية بأن المتظاهرين يهينون هيبتها فتضعف أمام الخارجين على القانون، وأصبحت الداخلية هى الطرف الواضح فى لعبة يديرها السياسيون بلا وضوح.
ومع هذا فكل الردود والاتهامات تبقى فى البند ثانيا، أما أولا فلا إجابة، ووسط كل ما يقال وما يطرح، هناك دائما حلقة مفقودة تخفى التفسير الطبيعى لوصول الأحداث فى التحرير إلى الانفجار.
رحل الذين نظموا الجمعة بعد أن قضوا منها وطرا، وتركت إحباطا لدى من راهنوا على الوحدة والهدف، المتظاهرون تحسبهم جميعا لكنهم مختلفون إلى حد الصراع، خفتت أهداف ثورة شارك فيها الجميع، لصالح خطابات انتخابية، وكالعادة اختفت الحكومة واختفى المجلس العسكرى من المشهد، وظهروا بعد الحريق.
ضحايا بلا ثمن.. وانتهازيون يقولون كلاما فى الميدان وآخر فى المجلس العسكرى، وثالثا فى الفضائيات، ويلعبون على كل الحبال.
سيقال كلام عن مؤامرة تستهدف تعطيل الانتخابات، أو مؤامرة لإبقاء العسكر، وتبقى الأحداث -مثل كل مرة- بلا بداية ولا نهاية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة