إلى أين المسير فى ظلمة الدرب العسير؟ إلى أين تتجه سفينة الوطن والعواصف والأعاصير تحيط بها من كل جانب وتوشك أن تغرق بمن فيها وترسو فى أعماق بحر الظلمات والضياع؟
حالة الخوف على المصير والمسار تحولت إلى حالة فزع حقيقى بعد أحداث الأمس التى استفزتها جمعة استعراض القوى التى افتقدت للرشد والعقل، وزادت الأمور تعقيداً ودفعت بها إلى حافة الهاوية والصدام، ومازالت تستعرض وتهدد بالحشد بالملايين ضد أى «قوة» دون إدراك للأوقات الصعبة والخطيرة جداً فى حياة الوطن، فما يهمها هو مصالحها السياسية الخاصة وبرنامجها المحدد للسطو على السلطة فى مصر.
اللاعبون بالنار ومشعلو الحرائق ألقوا بكرة اللهب فى الميدان دون وعى وإدراك إلا بما يرونه فقط، ويتباكون الآن على إفساد الانتخابات ويتهمون الأصابع الخفية والأيادى المجهولة ويطالبون بالهدوء وضبط النفس.
نحن أمام أحداث عبثية فى مشهد معقد للغاية أبطاله جماعات مساومة ومناورة بانتهازية مقيتة، وإدارة لشؤون البلاد غامضة ومقامرة بمستقبل البلاد ارتكبت أخطاء البداية التى أدت إلى ما نحن فيه الآن من ارتباك شديد، وشعب يتملكه إحباط ويأس من الصورة القاتمة يزداد يوماً بعد يوم.
الوقت الآن ليس وقتاً للمحاسبة ونفض الأيدى من دماء الأبرياء التى سالت فى التحرير أو الإسكندرية أو السويس وباقى محافظات مصر، لأن وقت الحساب والعقاب سيأتى حتما، لكن القضية الآن هى المصلحة العليا ومصير الوطن وإيجاد حلول فورية وواقعية للخروج من هذا المشهد القاتم والخراب الذى تتسع رقعته لحظة بعد أخرى، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته الوطنية ويعلو فوق مصالحه الحزبية والفئوية الضيقة بعيداً عن مشاهد وتصريحات الاستعداء، لأن هناك من يستهدف الآن سقوط الدولة بمؤسساتها بعد سقوط رموز النظام ويحاول هدم المعبد بكامله على رؤوس من فيه.
إذا كان الحل الآن فى استقالة هذه الحكومة الفاشلة الضعيفة أو إقالتها وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية قوية تستطيع إدارة شؤون البلاد بحزم حتى تسليم السلطة العسكرية إلى سلطة مدنية منتخبة، فيجب الإسراع فى هذا الحل مادام هناك إصرار على إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها، بحيث تتولى حكومة الإنقاذ مهمة الإعداد سريعاً للدستور دون تباطؤ، ثم الدخول فورا فى انتخابات رئاسية حتى نهاية العام المقبل.