الموقف المتخاذل من جماعة الإخوان المسلمين من ثورة التحرير وشلال الدم الذى سال على الأرض وحصد المزيد من أرواح الشهداء ستدفع ثمنه الجماعة وحزبها عما قريب.
الصورة الآن بدت واضحة للجميع فى الميدان وخارجه فالإخوان لا يسعون إلى السلطة وقطف ثمارها التى أينعت وحان وقت قطفها حتى لو كان ذلك على حساب دماء الشهداء الذى أريق فى ميدان التحرير أو الإسكندرية والسويس، فالمكاسب المنتظر تحقيقها فى صناديق الانتخابات هى الهدف الأسمى الذى ترنو إليه الجماعة بانتهازية سياسية مفرطة تكشف زيف الشعارات والمواقف العنترية وتعيد تكرار نفس المشهد الأول فى ثورة يناير التى قفز فيها الإخوان وباقى التيارات الإسلامية التى تأخرت عن المشاركة وانتظرت حتى تيقنت من نجاح الثورة ثم حشدت قوتها لتصدر المشهد وحصد ثمار لم تسع فى البداية لزرعها بل واجهتها بفتاوى «الخروج على الحاكم حتى لو كان ظالما» واعتبرت من فى الميدان من «الخوارج».
رسالة المرشد العام للإخوان محمد بديع اعتبرت أن نزول الجماعة إلى الميدان مفسدة مقدمة على جلب المنفعة من المشاركة فى معركة الدم فى لحظة مصيرية فارقة من عمر الثورة التى منحتها مشروعية الوجود السياسى وبقوة حتى ظنوا أنهم السلطة البديلة القادمة إلى عرش الحكم فى مصر، وبالتالى فليذهب مئات أو آلاف الشهداء ولتراق دماؤهم وادعاء الحكمة بأثر رجعى فى أن النزول للميدان «استدراج لتعقيد المشكلة وليس حلها». فالإخوان الآن يدعون وتحت ضغط بريق السلطة أنهم خائفون على مصر ومصلحة الوطن، وهم الوحيدون الذين يمتلكون الحقيقة المطلقة فى وجود قوى داخلية وخارجية لا تريد لمصر أمناً ولا استقراراً ولا نهضة تستغل مشاعر الشعب المصرى الطيبة لإثارة الفتن والصراعات-كما جاء فى رسالة المرشد العام-.
الشعار الحقيقى الآن الذى يعكس نوايا الإخوان ليس هو «الإسلام هو الحل» ولكنه «الانتخابات هى الهدف والثمرة الكبرى» الذى يخططون من أجله ولا شىء آخر.
مفسدة النزول للميدان يقابلها أن السياسة ومتاجراتها ومناوراتها هى مفسدة الإخوان وقد تكشف صناديق الانتخابات فداحة الثمن الذى ستدفعه الجماعة بسبب الموقف الأخير، فعندما يراق الدم فلا معنى للسياسة.