هذه سطور نشرت فى نفس المكان من قبل، وبما أنهم علمونا زمان إن فى الإعادة إفادة، وبما أن الأصوات التى تتهم أهل التحرير بالخيانة والعمالة والجهل، أصبحت تعلو دون خجل، فتبدو إعادة قراءة هذه السطور ضرورية الآن مثلما كانت قبل ذلك.
هذا هو التأثير الأكبر لقصيدة «أمل دنقل».. سلاح يرفعه أبناء هذا الوطن، كلما حاولت الدولة أن تجرهم إلى حظيرة التطبيع مع إسرائيل، وشعار نحتاج إلى إعادة رفعه فى تلك اللحظة الراهنة من عمر الوطن، التى يسعى فيها الجميع لمبادلة الديمقراطية والحرية بكلام كثير عن الاستقرار، والبعد عن وجع الدماغ..
«لا تصالحْ!
ولو منحوك الذهب.
أترى حين أفقأ عينيك.
ثم أثبت جوهرتين مكانهما.
هل ترى..؟
هى أشياء لا تشترى.
«لا تصالح» هى سلاح مصر المعنوى، الذى تركه أمل دنقل كالمنبه، وقام بضبطه ليذكر الناس كلما أحس بغفلتهم تطول، أوكلما تمادى الطاغية أى طاغية، سواء كان فى ثوب رئيس، أو ثوب مجلس، أو ثوب رجل دين فى التسلل إلى مشاعر الناس، ومحاولة إخضاعهم بحجج من نوع: الصلح خير، والهدوء والاستقرار أفضل، يعود صوت أمل دنقل، وهو يهتف بحنين وقوة..
«جئناك كى تحقن الدم.
جئناك. كن - يا أمير - الحكَم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ فى جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم».
لا تفقد الأمل أبدا، حتى ولو أخبروك بأن باقٍ لمصر يومين على الإفلاس، حتى ولو أرعبوك بالانفلات الأمنى والفلول، لا تيأس أبدا، ولا تمد يدك بالصلح قبل أن تحقق أمانيك ورغباتك، وإن أردت أن تعرف لماذا؟!.. اسمع ياسيدى:
«سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضلُع المستحيل».
لا تفعل مثلما فعل بعض الذين نسبوا أنفسهم لتلك الثورة، وتخلوا عنها مقابل منصب هنا، أو وعد بقطعة من التورتة هناك، لا تفعل مثلما فعل بعض شباب الثورة، وباعوها مقابل فضائيات ومنظمات.. لا تفعل ذلك لأن أمل دنقل قال..
«لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر فى يد من صافحوك.
فلا تبصر الدم
فى كل كف؟
إن سهمًا أتانى من الخلف
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم - الآن - صار وسامًا وشارة».
لا تبع ثورتك ياصديقى مقابل طن من الاستقرار، لا تبع أحلام الذين ماتوا خلال السنوات الطويلة الماضية، وهم يحلمون بوطن أفضل.. أمل دنقل يخبرك بألا تفعل ذلك..
«لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة