لا أعرف لماذا يفهمنا حكامنا غلط.. لماذا يصرون على معاملتنا معاملة (اللامؤاخذة) وكأننا شعب تم اصطياده من شارع شهاب.. حركات وقصص واحتكاكات وانتهاكات.. كأن الهدف الوحيد لحكامنا أن يركبونا، لا أن يحكمونا، فمنذ قديم الأزل وحتى الآن لم يكف حاكم عن اغتصاب الشرعية من هذا الشعب ومعاملته معاملة الغنيمة سواء استمر سلطانه يوما أو سنة أو 30 سنة، لم نسلم من تحرشات الوالى وبعده الخديوى وبعدهما الرئيس، وأخيرا تحرش جماعى من المجلس العسكرى.. هل كتبوا فى السيرة الذاتية لشعبنا العريق (متعودة دايما) أم أن هناك انطباعا عند الحاكم بأننا شعب على (حل شعره) وفى انتظار دائم لحاكم يشكمه ويلمه.. كل حكامنا جلسوا علينا بالعافية، ركبونا عنفاً أو عنوة بلا تراض.. حتى إن جميع القوى السياسية المتطلعة للحكم الآن تتعامل معنا بنفس المعاملة، فتجد كلامهم أشبه بالسرحان ببنت الجيران وحركاتهم وتحركاتهم مريبة تدل على علاقة رخيصة لا علاقة تقدير واحترام.. ومظاهرات التحرير الأخيرة أكدت أن معظم المرشحين للرئاسة فروا من مسؤولياتهم السياسية وكأنهم فى علاقة غير شرعية.. على كل حال التاريخ يقول بأن كرسى العرش فى مصر ملعون ولا يخرج من عليه إلا بالدم، رغم أن معظم من حكمونا (ماكنش عندهم دم) لذلك دائما ما نكون الضحية.. وسواء كنت من أهل التحرير أو أهل العباسية، من المعارضين أو المؤيدين لاستمرار الهيمنة العسكرية، فنحن جميعا ضحايا لما فعلته فينا القوى السياسية بعد أن صنعنا منهم رجالا وزعماء، رغم أن معظمهم كان (قطة) تجرى بين نعال رموز الحكم البائد.. قسمونا وفتتونا وهمشونا ووزعونا على أنفسهم، وضمن كل منهم نصيبه من التركة وكأننا مزرعة بط أو شعب من العبط.. لذلك، ورغم المحنة الأخيرة والدماء الطاهرة -التى فاضت فى ميدان التحرير- فإنها كانت ضرورية حتى نفهم أن معظم الأطراف السياسية مجرد أطراف صناعية لا تفيد فى وقت الجد.. أما ما حدث من تباطؤ وتواطؤ من مختلف أجهزة الدولة فى حل الأزمة حتى وصل عدد الضحايا والشهداء إلى 38 مصريا، فهذا يسأل عنه المجلس العسكرى، فسواء صدقنا أن مساعيه فشلت أو شككنا فى (تطنيشه) على الجريمة ستظل نقطة سوداء فى قصتنا مع قيادات المجلس العسكرى، خاصة أنها ليست الخطيئة الوحيدة.. فحتى الآن مازالت مواقفهم غير واضحة أو مفهومة، نرى فى أغلبها مواربة والتفافا أو هيمنة على الحكم بلا أى مشاركة من الشعب وكأنهم يحكمون قطيعا من الخراف.. فيعدون بقانون الغدر تارة ويجلبون للحكم أعضاء سابقين من الحزب الوطنى ونشاهد مسلسلا كوميديا فى الحكم على مبارك ووزرائه، وهم يضحكون مطمئنين خلف الأسوار، ونسمع قصصا خيالية فى عودة الأموال المهربة والبلد مازال يستدين ويقترض، ويتكلمون عن الأمن والأمان والدولة فى حالة غياب أمنى كامل، بل أصبحت الداخلية جزءا من منظومة الانفلات.. حتى مصابو الثورة اكتشفنا معاملتهم كالمتسولين، رغم أن تكريمهم واجب وطنى لا خلاف عليه.. ووصل بهم الأمر إلى الضرب والموت فى ميدانهم حينما حاولوا المطالبة بالرحمة أو ببعض حقوقهم.. حتى فى المحنة الأخيرة لاعبونا (حيرينى يا كيكى) واقترحوا الاستفتاء.. ومن منا طالب القوات المسلحة بالانسحاب ومن يستطيع منا أن ينكر أهمية الجيش ورجاله ولكنه الخلط الغريب بين الجيش وبين المجلس العسكرى.. نفس فكرة الرمز واستخدام الهجس فى اللعب على مشاعر الأبرياء فى هذا الوطن.. الخلاصة أن العقل والوعى هو الحل الوحيد للخروج من تلك الأزمة التى أطلق عليها البعض مقدمات حرب أهلية، فالصبر والوقت كفيلان بكشف الحقيقة، ولننتظر تلك الأشهر لنفهم ماذا يريد منا المجلس العسكرى وهل فهمناهم خطأ أم أنهم فاهمينا (لامؤاخذة) غلط!!.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة