كنت أتمنى أن يكون اليوم عيدا حقيقيا للديمقراطية التى غرسها شباب مصر، لكن بدلا من أن نتزين لهذا اليوم فرحين بإنجازنا غير المسبوق سينزل شباب مصر إلى الانتخابات متشحين بالسواد، غير واثقين من نتيجتها ولا نزاهتها ولا حيادية الدولة تجاهها، فللأسف المجلس العسكرى الذى أعلن عشرات المرات أنه يقف على مسافة واحدة من كل التيارات السياسية، لم يكن حياديا على الإطلاق وجهز ترسانته الإعلامية وأعد عدة حرب الشائعات والتضليلات ليئد الثورة المصرية، ويفتك بشابها معنويا وجسديا، ووقف اليوم ينتظر حصاد ما غرست يداه.
كنت أتمنى أن تقاطع الأحزاب السياسية هذه الانتخابات لتسقط الشرعية تماما عن المجلس العسكرى الملوث بدماء الشهداء، لكن للأسف، اتحد ما يسمى بـ«حزب الكنبة» بعد أن وقع فى التضليل الممنهج، مع «حزب الكرسى» الذى لا يأبه إلا بعدد المقاعد التى يرنو إلى حصدها من البرلمان، وتناسوا كفاح من أوصلهم إلى هذه اللحظة التاريخية، غير عابئين بمسؤوليتهم نحو أطفالهم ولا مستقبل بلدهم.
كنت أتمنى أن تكون الانتخابات نزيهة حقا، وألا يتم يتجاهل مجلسنا العسكرى المهاب كبار القضاة من الإشراف عليها، مكتفيا بمحامى الحكومة بهيئة قضايا الدولة، وأعضاء النيابة الإدارية، والنيابة العامة، رغم أنهم لا يتمتعون بالاستقلالية ويتلقون تعليماتهم من رؤسائهم، ما يهدد ببطلان هذا المجلس حتى قبل الانعقاد كما قال المستشار فكرى خروب رئيس محكمة جنايات الإسكندرية، مستندا لأحكام محكمة النقض، ومشيرا إلى أن ذات الشىء قد حدث أثناء الاستفتاء الذى أجرى فى مارس الماضى، لكن ها هى فرحتنا تغتصب أمام أعين «نخبتنا» أو «خيبتنا» إن شئت الدقة.
كنت أتمنى ألا يكيل مجلسنا المهاب بمكيالين، لكنه فعل، وفى الوقت الذى حارب فيه شباب الثورة وتركهم نهيبة لكل مرتزق ومنافق متهما إياهم بالعمالة للخارج والحصول على تمويل أجنبى من دول أخرى، غض الطرف عن علاقة السلفيين المشبوهة بالنظام القديم، وتلقيهم مئات الملايين فى يوم واحد، وكنت أتمنى أن يتم إقصاء الداخلية عن كواليس العملية الانتخابية، لكن ها هو مجلسنا العسكرى المهاب يقرر أن تبيت صناديق الانتخابات فى حضنها، بعد أن جعل الانتخاب على يومين، وكلنا نعرف أن «ما اجتمعت الداخلية والصناديق إلا وكان بينهما التزوير»
كنت أتمنى أن تقف الدولة على الحياد وأن تعاقب من يقدم رشاوى انتخابية، وأن تعزل فلول الحزب الوطنى، وأن تستبعد من يستغل الدين والمساجد والكنائس فى الدعاية الانتخابية، لكن مجلسنا العسكرى أسد على أعين الثوار وحمامة على كتف مستغلى الدين والمتاجرين بأحلام البسطاء، كنت أتمنى وطنا، لكنهم أرادوه «عزبة» ولكن عزائى أن الميدان مازال باقيا، يتحدى كل طغيان وتزييف.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة