أنت سعيد بما رأيته يوم أمس من تزاحم وتهافت على المشاركة فى الانتخابات التشريعية، ولا أريد أن أنكر عليك سعادتك، كما لا أخفيك سرا فقد انتابنى شىء من السعادة لحظة رؤيتى لطوابير الناخبين، لكنى لم أستطع نسيان شهداء مصر العظام، الذين أهدوا إلينا هذه اللحظة الغالية، مضحين بحياتهم ومستقبل أبنائهم من أجلنا، كما لم أستطع أن أتجاهل ما تعرضت له أسرهم فى ميدان التحرير فى 19نوفمبر من سحل وضرب وإهانة، وما أعقب ذلك من تجدد الاشتباكات بين الشرطة وشباب مصر المخلصين، الذين وقفوا أمام جبابرة الداخلية بصدر مفتوح وأياد عارية، وقلوب لا تعرف الخوف, لم تنسنى الفرحة كذلك ما تناقلته الصحف والقنوات الفضائية من وجود أخطاء كارثية، تهدد سير العملية الانتخابية برمتها، ولا يجب أن تنسينا الفرحة ما يحدث أمام أعيننا من خطايا تنظيمية فادحة، ربما تكون ستارا أو تمهيدا لتزوير الانتخابات، وفى الحقيقة فقد ظهرت أخطاء ترقى إلى درجة الجريمة منذ بداية التجهيز للانتخابات، منها وجود بطاقات انتخابية غير مختومة! ومنها ما لاقاه أخواننا فى الخارج من معاناة فى الوصول إلى موقع اللجنة العليا للانتخابات، وعدم تمكنهم من التصويت، ما يدل على أن الدولة لم تكن جادة فى تنفيذ حكم القضاء، بأحقيتهم فى الإدلاء بأصواتهم.
يجب أيضا ألا ننسى أن صناديق الاقتراع ستبيت فى حضن وزارة الداخلية، وهو ما يجعلها عرضة للتلاعب والتزوير، فى تصرف غريب هو الأول من نوعه فى تاريخ الانتخابات المصرية، كذلك فإن وجود بطاقات الانتخابات فى أيدى المواطنين وتسريبها بهذا الشكل فى عدة محافظات يدل على فساد فى التنظيم، إن لم يكن فسادا فى النوايا، وكذلك فإنى لم استسغ وجود أسماء الموتى فى الكشوف الانتخابية، ولم تقنعنى حجج المتحججون بوجود أخطاء فنية، أدت إلى وجودهم فى الكشوفات، وفى الحقيقة فقد استقبلت هذا الخبر بطريقة هزلية تماما، وقلت لنفسى إنه من الطبيعى أن يشارك الموتى فى العملية الانتخابية، مادام المحتضرون هم الذين يقودون البلاد فى هذه الأوقات العصيبة التى تمر بها البلاد.
لم أستطع أيضا أن أتجاهل أسباب تجاهل المجلس الأعلى للقوات المسلحة للتصويت الإلكترونى، بما يوفره من سرية وشفافية وحيادية ونزاهة، وعلى حد علمى، فإن آليات مشروع التصويت الإلكترونى موجودة وإمكانياته متاحة، وسبق أن تقدم به الوزير السابق «أحمد درويش» لحكومة نظيف، لكن حكومته رفضته، لتتمكن من تزوير الانتخابات، مع العلم أن هذه الطريقة لا تلغى عملية التصويت التقليدى، وإنما تتيح الخيارين، وما كان أحوجنا إلى هذه الطريقة لنتفادى احتمالات التأثير السلبية، والبلطجة والعشوائية، واستمرار اعتماد نهج الحزب الوطنى فى تجاهل التصويت الإلكترونى يطرح أكثر من علامة استفهام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة