(اتفق جميع رؤساء الأحزاب الحاضرين على وضع وثيقة المبادئ الدستورية)..
الكلمات السابقة تشكل بتجمعها هذا البند الثامن من محضر اجتماع الفريق سامى عنان مع قيادات الأحزاب السياسية فى أول أكتوبر الماضى، وأسفل هذا البند مباشرة وبعد كلام عن التأييد والدعم الكامل للمجلس العسكرى وقع رؤساء الأحزاب على محضر الاجتماع، والتوقيع على المحاضر يعنى كما جرى العرف ويقول القانون إقرار الشخص بما جاء فى البيان أو محضر الاجتماع.
ومحضر الاجتماع السابق كما تعلمون وقع عليه الدكتور محمد مرسى رئيس حزب «الحرية والعدالة»، والأستاذ عماد عبد الغفور رئيس حزب «النور» السلفى بخلاف 11 توقيعا لباقى قيادات الأحزاب التى حضرت لقاء عنان.
لا تسأل نفسك أى قدرة تمثيلية وبراعة نفاقية يمتلكها قيادات هذه الأحزاب وهم ينتقدون المجلس العسكرى فى الإعلام ويعلنون دعمهم الكامل له فى الغرف المغلقة! فتلك أشياء تخص النوايا وقدر مصر الذى وهبها سياسيون كما لاعبو السيرك قادرون على التلون والرقص على كل الأحبال، ولكن هذا لا يعنى ألا تقف دقيقة حداداً بعد أن تكتشف أن رجلين من أصحاب التوقيعات التى وافقت ووقعت صاغرة فى الغرفة المغلقة، وتشنجت وصرخت معارضة ورافضة أمام كاميرات التليفزيون ينتميان لحزبين ذوى مرجعية دينية إسلامية، كل حزب منهما يسابق الزمن فى إقناع الناس بأفضليته بما يحمله من قيم أخلاقية ومبادئ إسلامية، ليجد الناس أنفسهم أمام رأسى الحزبين وقد انزلقا فى وحل السياسية متجاهلين المرجعية الإسلامية التى تقول بشرف الكلمة وتتحدث عن الصدق، ولا تعتبرها مبالغة حينما يسألك أين هى تعاليم الإسلام التى يرفعها حزبا «النور» و«الحرية والعدالة» من تصرف مرسى وعبدالغفور الخاص بالتوقيع على شىء والتعهد به، ثم التنصل منه والهجوم عليه وكأن شيئا ما كان!
هذا ما كنا نحذر منه ياصديق.. انزلاق الأحزاب الدينية بالدين الإسلامى إلى وحل الملعب السياسى، كما ينزلق المجلس العسكرى بالجيش إلى نفس الوحل الذى يباعد المسافة العاطفية بين الجيش والشعب، وكما انزلق الدكتور على السلمى بفكرة وثيقة المبادئ فوق الدستورية المتحضرة إلى وحل اعتبارها وثيقة ضد الدولة المدنية مرتين.. الأولى حينما تم شرحها بشكل خاطئ ومنح الإسلاميين فرصة الترويج لها وكأنها عمل خبيث ضد الدين، والمرة الثانية بعد أن تلاعب فيها وحاول أن يمنح للجيش بداخلها وضعا خاصا يتنافى مع الدولة الجديدة التى نريد بناءها فى مصر، وبالتالى فتّر حماس الليبراليين والمثقفين لها.
كل الأجواء المحيطة بحدوتة الوثيقة هذه مربكة ولا تدفعك أبدا نحو منطقة حسن الظن بما يفعله المجلس العسكرى أو الدكتور السلمى والدليل هو التوقيت.. توقيت اختيار السلمى لإعادة تفجير قصة الوثيقة من جديد وحشر البند الخاص بوضع الجيش الخاص ليس خالصا لوجه الله والوطن إذا وضعت فى اعتبارك ما نعيشه من أجواء انتخابية صعبة لتأتى محاولة شغل الناس بالوثيقة الدستورية وكأنها محاولة استقطاب جديدة ومحاولة شغل الناس على واقع انتخابى سيئ ومرتبك، وواقع فوضوى وعبثى يعيشه المجلس وحكومته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة