هناك اتفاق على أن التوقيت الذى دعا فيه الدكتور على السلمى، نائب رئيس الوزراء، الأحزاب والقوى السياسية لمناقشة مسودة وثيقة المبادئ فوق الدستورية، توقيت غريب وغامض فى الوقت ذاته، ففى ظل الانشغال السياسى بالانتخابات البرلمانية المقبلة، كخطوة أساسية وجادة فى مرحلة التحول الديمقراطى فى مصر، تأتى دعوة السلمى المتعجلة والمتسرعة فى توقيت غير مناسب بالمرة، وفى لحظة سياسية لا تحتمل المزيد من الاشتعال والخلافات والانقسامات.
فلماذا دعا الدكتور السلمى إلى مناقشة وثيقة المبادئ الدستورية محل الخلاف بين القوى السياسية منذ الإعلان عنها فى هذا التوقيت، و«تسخين» حالة الخلاف السياسى من الجدل، وإثارة جدل جديد، واستقطاب آخر حول تأييد الوثيقة أو رفضها، مثلما حدث بشأن معركة الدستور أم الانتخابات أولا، والتى استنزفت الكثير من الوقت، وأحدثت حالة انقسام حادة بين شرائح المجتمع بانتماءاته السياسية المختلفة دون جدوى حقيقية، وأضاعت فرصة التسريع بعملية البناء السياسى، وفقا لجدول زمنى واضح.
دعوة السلمى لمناقشة وثيقة المبادئ يمكن النظر إليها من زاوية «الإلهاء والاستغباء السياسى»، مثلما كان يفعل النظام السابق عندما يريد تمرير مواقف سياسية، أو قوانين معينة، واستخدم فى ذلك جميع الوسائل، والدكتور السلمى يعيد إنتاج نفس الأسلوب، فالساحة السياسية تهيأت للانتخابات، والكل بدأ الاستعداد للدعاية والحملات الانتخابية، وسط ذلك يلقى السلمى بحجر الوثيقة ليثير الخلاف والجدل والانقسام من جديد، وبشكل لا يخلو من سوء النوايا.
الارتباك والتناقض فى دعوة الأحزاب والقوى السياسية، والشكل التنظيمى للاجتماع الذى أراد له السلمى أن يكون احتفالا متعجلا لتمرير بعض المواد محل الخلاف، خاصة المادة 9 المتعلقة بوضع الجيش فى الدستور، تدل على سوء النية فى طرح الوثيقة فى هذا التوقيت المضطرب، بالإضافة إلى أن العدد الكبير من رموز الحزب الوطنى المنحل والأحزاب الانشطارية التى تكونت من بقاياه يثير أيضا الشكوك.
عدد من المدعوين كشفوا أن الدعوة التى تلقوها كانت لمناقشة معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، ثم فوجئوا بإضافة موضوع جديد لجدول الأعمال، وهو «مسودة إعلان المبادئ الأساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة»، وهو ما دعا إلى انسحاب عدد من رؤساء الأحزاب من الاجتماع إلى جانب غياب الإخوان والقوى الإسلامية.
إشعال الخلافات والتسخين قبل الانتخابات البرلمانية ليس فى مصلحة أحد، ويجب وأد فتنة السلمى الجديدة.