كمال حبيب

العسكر يكشرون عن أنيابهم

السبت، 05 نوفمبر 2011 04:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو لى أن الوقت الملتبس الذى ظهرت فيه وثيقة السلمى قبل يوم واحد من بدء الدعاية للجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية - يبدو لى أن له صلة بما جرى فى تونس، فالنتيجة التى أسفرت عنها انتخابات المجلس التأسيسى أخافت القوى الليبرالية والعلمانية، وأخافت العسكر، لأن ما جرى فى تونس أعطى مؤشرًا لتلك القوى فى مصر بأن الإسلاميين سيكون لهم نفس الموقع - ربما لن يكون الموقع المكتسح، ولكنه سيكون الموقع الأول على الأقل.

وهنا قرر المجلس العسكرى ومِن ورائه السلمى والأحزاب التى اجتمعت على الوثيقة أن يتحركوا بسرعة وألاّ ينتظروا حتى إعلان نتائج الانتخابات، وأن يحصلوا على ضمانات تمنع الإسلاميين من أن ينفردوا برسم المشهد السياسى المصرى، بما فى ذلك اختيار الهيئة التى ستضع الدستور كما نصت المادة 60 من الإعلان الدستورى، وهى أن المئة الذين يمثلون الهيئة التأسيسية لوضع الدستور يختارهم البرلمان المنتخب بغرفتيه الشعب والشورى.

يبدو لى أن الأهم فى قضية وثيقة السلمى من الناحية السياسية ومن ناحية مستقبل مصر هو أن الوثيقة كشفت عن نوايا حقيقية لدى المجلس العسكرى الحاكم فى أن يكون له دور فى رسم المشهد السياسى القادم لمصر وأن يكون لديه ضمانات باعتباره قوة سياسية محصنة لا تنالها وسائل الرقابة الديمقراطية بما فى ذلك سلطات البرلمان القادم فى أن يراقب جميع أموال الميزانية المصرية بما فى ذلك بالطبع أموال القوات المسلحة.

يبدو أن النموذج التركى فى صيغته القديمة التى جاوزها الأتراك اليوم هو الذى يسيطر على عقل من وضع تلك الوثيقة بحيث يكون للمجلس العسكرى وضع استثنائى داخل النظام السياسى القادم فى مصر بحيث يكون هو وحده دون غيره المختص بالنظر فيما يتصل بشؤونه وبنود ميزانيته، ويوافق على أى تشريع يتعلق به، وهو ما يعنى وضع قيود على البرلمان الذى يمثل سلطة الشعب، والذى يجب أن يكون هو دون غيره صاحب الحق فى التشريع بلا قيود من أية جهة، حتى لو كانت القوات المسلحة، وأيضًا السلطة القضائية التى وضعت لها الوثيقة هى الأخرى هذا الاستثناء بأن توافق أولاً على أى تشريع يخصها.

وحين ننظر إلى معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور فإننا نصدم حين نجد أن 80 % من بين أعضائها من جهات تعبر عن قوى سياسية واجتماعية، ولكنها غير منتخبة من الشعب، كما نزداد دهشة وصدمة حين نجد أن المجلس العسكرى يتحدث بوصفه ممثلاً لسلطات الرئيس، وأن هذه السلطات تسمح له بأن يعيد للهيئة التأسيسية النصوص التى يراها من وجهة نظره متعارضة مع مبادئ الدولة ومقوماتها، كما تتيح له أن يرفع هذه النصوص إلى المحكمة الدستورية، وتتيح له هذه السلطات أيضًا أن يشكل جمعية تأسيسية جديدة للدستور، أكل هذه السلطات يمنحها المجلس العسكرى لنفسه بينما يضن على البرلمان الذى اختاره الشعب بأن يضع الدستور أو أن يراقب ميزانية الجيش أو أن يستقل بمهمته الرئيسية فى التشريع بما فى ذلك التشريعات التى تخص الجيش والسلطة القضائية؟

المجلس العسكرى يكشر عن أنيابه، والعلمانيون يتمترسون خلفه باعتباره حاميًا لهم فى مواجهة الإسلاميين، لنقف جميعًا صفّا واحدًا من أجل نظام ديمقراطى حقيقى تكون الكلمة فيه للشعب حتى لو جاء بالإسلاميين، بدلاً من أن نذوق ويلات استمرار حكم العسكر وإعادة إنتاج نظام مبارك من جديد، و«كأنك يا «أبو زيد» ما غزيت».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة