بالأمس طلبت منك التفرغ للعيد ولحمته وفرحته والفوز بغنيمة البعد عن السياسية ونصب الانتخابات وغيره من الأشياء الجالبة للأرق والهم، وهاأنذا أساعدك بكلام عن الكرة.. عن الأهلى والزمالك وجماهير الدرجة الثالثة.
بعد التحية والسلام والكلام اللى من نوعية فرصة سعيدة وتشرفنا وإحنا أكتر يأتى السؤال الأهم فى تاريخ أى تعارف إنسانى على أرض مصر.. يلتقى الناس ويتعارفون ثم يبادر أحدهم بإلقاء السؤال الأهم والأخطر على الطرف الآخر قائلا: صحيح إنت أهلاوى ولا زملكاوى؟! أرجوك لا تتعجل وتقول إن هذا ليس صحيحا، وعد أولا بذاكرتك إلى الخلف.. عد إلى أول أيامك فى المدرسة الجديدة، أو فى الكلية، أو فى العمل، أو على القهوة، أو حتى إلى أول لقاء عاطفى يجمعك بالسيدة الفاضلة حبيبتك، وتذكر أول خمسة أسئلة ورد ذكرها فى اللقاء وإن لم يكن من بينها سؤال إنت أهلاوى ولا زملكاوى؟ تبقى مشكلتك أنت، لأن التجارب أثبتت أن الأسئلة الخمسة فى اللقاء الأول تتنوع ما بين: بتحب تسمع لمين؟ وبتحب تقرأ لمين؟ ومين ممثلك المفضل؟ وبتحب مين من الشيوخ؟ وبرجك إيه؟ وأسئلة أخرى كثيرة تختلف حسب نوعية السائل والمسؤول، ولكنها لا تخلو أبدا من سؤال: إنت أهلاوى ولا زملكاوى؟ إلا بنسبة لا تتعدى 1 %، لأن الله خلقنا فى مصر هكذا.. خلقنا مسيحيين ومسلمين.. صعايدة وفلاحين.. عمالا وفئات.. حزب وطنى «فلولا» ومعارضة «ثورة».. فقراء وأغنياء.. «تممامرة» نسبة لتامر حسنى، و«عمامرة» نسبة لعمرو دياب.. وأهلوية وزملكاوية أيضا!
إنها الفطرة ياعزيزى ولا شىء غيرها، الفرد فى مصر يولد ليجد نفسه مجبرا على الانتماء إلى واحد من كل معسكرين متضادين تم ذكرهما فى الفقرة السابقة، وتتباين درجات انتماء كل مواطن مصرى لمعسكره حسب ما تلقاه من تعليم وماحصل عليه من تربية، ولكن فيما يخص مسألة الأهلى والزمالك يكون الموجود تباينا فى درجات التعصب، وليس فى درجات الانتماء، فهناك تعصب يدفعك لإرهاق أحبالك الصوتية من كثرة الهتاف، وتعصب أكثر تطورا يدفعك لحفظ قاموس كامل من الألفاظ المسيئة لكى تلقيها على مسامع مشجعى الفريق المنافس، وتعصب أكثر احتراما يدفعك للذهاب إلى الاستاد وتحمل البهدلة وإنفاق ما فى الجيب من أجل نظرة على أبوتريكة أو شيكابالا، وتعصب أكثر تهورا قد يدفعك للدخول فى خناقة بسبب نقاش حول مدى صحة ضربة الجزاء الذى هزم بسببها فريقك.
متعصبون إلى آخر مدى.. هذا هو حال جمهور كرة القدم فى العالم أجمع وجمهور الأهلى والزمالك بشكل أخص، وإن تطوع أحد جهابذة الإعلام الرياضى الجدد لنفى هذه الصفة على اعتبار أنها تسىء لسمعة مصر كما يروجون دائما ضع أصبعك فى عينيه، وأخبره أن أى كلام عن ذلك الزمن الجميل الذى كانت فيه جماهير الأهلى والزمالك وديعة وطيبة وهادئة ومحترمة ولا تخترع البذىء من الهتافات ضد المنافس فى الملعب يبقى كذبا ورغبة فى الهروب ودفن الرؤوس فى الرمال، وهو ما لم يعد صالحا الآن، صحيح أن تجاوزات جماهير الأهلى والزمالك فى تلك الفترة لم ترق إلى مستوى المعارك القاتلة أو أمور البلطجة التى تخلف فى نهاية أحداثها قتلى وجرحى، ولكنها وصلت إلى ما هو أخطر.. وصلت إلى حيث صناعة الفتنة.. وللكلام بقية غدا إن شاء الله..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة