بدأت مباراة الانتخابات وانطلقت الأحزاب والتيارات والأفراد فى سباق البحث عن الأصوات، وكثير منها أصبح يتصرف بالطريقة السابقة ومن دون أى تغيير.
وأصبحت الانتخابات هى الغاية للتيارات والأحزاب والسياسيين عموما مثلما هى للنقابات، الكل يريد الأصوات والمقاعد، ولا مانع من أن يتنافس التنافسون على المقاعد، وأن يبذل كل منهم الجهد من أجل أن يحظى بثقة الناخبين وأصواتهم، بشرط أن يتم هذا فى سياق المنافسة وليس البيع والشراء.
وبالرغم من خطورة الموقف فإن الكثير من المرشحين لم ينشغلوا بالجمهور مثلما شغلتهم المقاعد واندمج عدد لا بأس به من الأحزاب والأفراد فى عملية شراء للأصوات بشكل مباشر أو غير مباشر.
الطريق المباشر معروف حيث يتم عن طريق تقديم خدمات للفقراء أو هدايا من طعام وشراب، وهى جهود يمكن أن تكون مشكورة فى الأحوال العادية، لكنها تدخل ضمن الرشاوى الواضحة فى وقت الانتخابات، حيث يستغل المرشحون وصيادو الأصوات حاجة الفقراء والمحتاجين، ويسرقون إرادتهم، ويبررون ذلك بأن هؤلاء المواطنين لا يعرفون اتجاه الأصوات، هذا غير شراء الأصوات من خارج اللجان مباشرة.
هناك قصص ووقائع كثيرة تشير إلى أن عملية شراء الأصوات ومحاولات التأثير على الناخبين ماديا مستمرة، ليس فقط لاصطياد الأصوات بل أيضا استغلالا لعدم معرفة الناخبين بقواعد الانتخابات الحالية، وبدأت عملية التوجيه للتصويت لصالح قائمة حزبية دون أن يعلم الناخب الاتجاه الذى يضع فيه الصوت.
بعض الأحزاب استكملت قائمة مؤسسيها بشراء توكيلات من مواطنين ليس لهم اتجاه حزبى، ونفس التيارات تستأجر سيدات ورجالا فقراء للتصفيق فى المؤتمرات باليومية، وهو نوع من الديوقراطية بنظام «الإيجار الجديد»، وبعض المواطنين ردوا على انتهازية الأحزاب بانتهازية مضادة وظهرت طائفة من المحترفين تلعب مع أكثر من حزب وأكثر من مرشح ضمن لعبة فاسدة لم تولد اليوم لكنها وليدة الانتخابات فى السنوات الماضية، ومن نتاج الحزب الوطنى، لكن خطورتها أنها تتم من أحزاب يفترض أنها كانت تعارض الحزب المنحل، وهى الآن تتبع نفس الطرق التى كانت تلوم عليها الحزب الوطنى، وفى الكثير من الدوائر الآن، يتفرج المواطنون على الانتخابات ولا يرون اختلافا عن انتخابات كانت تتم بالتزوير والشراء والبيع، وهى طريقة أفسدت العملية الانتخابية، وماتزال تفسدها، لكن هذا يحدث الآن فى مرحلة انتقالية، يراهن فيها المواطنون على أن تفرز واقعا جديدا من خلال برلمان حقيقى يمارس التشريع والرقابة، فضلا عن أنه سيختار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.
فهل يمكن لنواب فازوا بالباطل أن يكونوا مستعدين لممارسة دورهم بناء على الضمير، ومن أجل الصالح العام، أم يواصلون ما كان يفعله السابقون من بيع مواقفهم مثلما يشترون الأصوات.