مقبلون على انتخابات صعبة، وسط مخاوف من العنف والانفلات، وغموض فى النظام الانتخابى. توسع غير مفهوم للدوائر يجعل من الصعب على الناخب أن يختار من يعرفهم، وبعض القوائم الحزبية يضم أشخاصا ليسوا هم الأفضل. لم يظهر بعد مرشحون مختلفون عن السابق، هناك وجوه مكررة، وجماعات تطمع فى المقاعد دون أن تقدم برامج، وبرامج متشابهة لا تختلف عن السابق.. تشاؤم وعدم ثقة، ولديهم بعض الحق، وهم يرون وجوها مكررة، ومرشحين يشبهون السابقين مع عجز عن التفرقة بين الصدق والكذب. ويسأل كثيرون: هل يفيد أن نذهب إلى الانتخابات ونحن نعلم أن النتيجة ربما كانت تكراراً للسابق.. أم نقاطع؟
المقاطعة تعنى فوز كل من لا نريدهم من الفاسدين والمحترفين الذين سيكونون قادرين على حشد الأصوات، وشحن الناخبين إلى اللجان والصناديق. ونتيجة الانتخابات لن يحددها حجم الأصوات التى كانت تخرج من قبل، ولا تتجاوز 10% على أكثر تقدير، بل النتيجة ستحكمها أصوات الذين لم يخرجوا من قبل، وكلما زادت المشاركة انخفض خطر فوز الفاسدين والانتهازيين والكذابين.
كل المخاوف مشروعة، لكن مواجهة المخاوف بالمشاركة أفضل، ولا ننسى أنها التجربة الأولى التى يخوض فيها الناخبون اختياراً حقيقياً بعد سنوات من التزييف، وهو اختيار صعب لأنه اختيار بين بديلين لا تصل القناعة بأى منهما إلى درجة مرضية.
وحتى التصويت الخاطئ لقائمة أو حزب أو جماعة أو فرد أحياناً يكون بداية حقيقية للديمقراطية. فى المرة التالية لن يصوّت الناس لمن خدعوا أو كذبوا، وسوف يدققون أكثر فى الاختيار. الخطأ يعلّم أكثر من الصواب، لابديل إلا الذهاب للانتخابات، وأن يختار الناخب من يفضله، وأن يحجب صوته عن الفاسد والكذاب والنصاب، والذين لن يذهبوا للانتخابات هم الذين سيساهمون فى إنجاح الفاسدين والانتهازيين.
ولهذا تأتى أهمية تنظيم ائتلافات وتجمعات الشباب فى القاهرة والمحافظات حملات توعية لتعريف الناخبين بكيفية الانتخاب، وكيفية اكتشاف المرشح الصادق من الكذاب، وهؤلاء يعطون أملاً لأنهم ليسوا مرشحين، وجهدهم هذا استمرار لتضحياتهم فى الثورة، لأنهم ينشرون الوعى فى أجواء رمادية. هؤلاء الشباب ممن يرفعون شعار «احم حقك واحم صوتك»، يقومون بدور مهم فى منح الأمل، حتى لو لم يكونوا قادرين على مزاحمة نجوم الكلام وراكبى الثورة. يدرك هؤلاء الشباب أن الانتخابات هى بداية تغيير النظام، والذى لن يحدث فجأة.
سوف يصدقهم الناس لأنهم غير مرشحين للانتخابات، وهدفهم منح الأمل، واستعادة الثقة فى النفس، لأن المشاركة بالتصويت فى الانتخابات القادمة هى الخطوة الأولى لننتقل من نظام فاشل إلى نظام طبيعى، ولا طريقة أخرى غير الانتخابات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة