رغم التنافس الشديد الذى تشهده السوق السينمائية وصراع حلمى ومكى وحمادة هلال على تحقيق أعلى إيرادات فى شباك التذاكر، وتحقيق حلمى لستة ملايين جنيه ومكى لخمسة طبقا للأرقام المعلنة حتى الآن من قطبى التوزيع، إلا أن هناك فيلما آخر ينافس هذه الأفلام مجتمعة ويلهث أغلبنا لمتابعة تفاصيله وتطوراته، والفيلم الذى أقصده هو انتخابات مجلس الشعب المقبلة التى من المفترض أن تجرى فى الثامن والعشرين من نوفمبر الجارى، وأقول إنها فيلم كبير بسبب ما شاهدته من ملصقات ومواد دعائية تملأ الشوارع والساحات، والمراكز والمحافظات، طبقا لما شاهدته وأنا فى طريقى إلى بلدتى الصغيرة بمحافظة المنوفية «مركز قويسنا»، فالمرشحون يحاصرونك أينما نظرت، والشعارات تملأ الجدران، والميكروفونات تجوب الشوارع على العربات لتعلن عن أسماء المرشحين، وما سبق أن قدموه وما سيقومون به فى الفترة المقبلة، والمفارقة أن أغلب المرشحين لم يختلفوا كثيرا فهى نفس الأسماء التى كنت أراها وأسمع عنها، معظمهم كانت ينتمى إلى الحزب الوطنى سابقا، ومنهم من كان ينزل الانتخابات مستقلا وسرعان ما كان ينضم إلى الحزب الوطنى بعد نجاحه، فقط تغيرت الشعارات لتصبح أكثر ثورية وتغيرت مسميات الأحزاب، إلا أن الوجوه ثابتة لم تتغير إلا بنسبة ضئيلة، والغريبة أنك عندما تحاول الهروب من هذا الفيلم الكبير الذى تتوالى مشاهده فى سرعة مرعبة، وتقرر بإرادتك أن تغلق عينيك وزجاجك سيارتك، وتدير مؤشر الراديو لإذاعة نجوم إف إم لتستمع إلى الأغانى فقط الأغانى فى محاولة للهروب من هذا الصخب المفتعل سيخرج عليك مذيع بصوت رخيم ليؤكد عليك ضرورة الذهاب إلى صندوق الاقتراع وضرورة الإدلاء بصوتك، «وحسك عينك إنك تبيع صوتك لأن اللى يبيع صوته مقابل 2 كيلو رز وزجاجتين زيت هيكون بالضبط زى اللى بيبيع شرفه»، بصراحة ماصدقتش نفسى، وعلى رأى صديق عزيز لى «كدت أبكى»، والله «حسيت إنى عايزة أعيط» من حجم الاستخفاف، وبالتأكيد أنا لا أشك فى نوايا صناع هذه الحملة، ورغبتهم فى توعية شرائح متعددة ومتباينة من الشعب المصرى، ولكن لماذا تكون التوعية بهذه المباشرة والفجاجة، ثم السؤال الأهم، والذى قفز إلى ذهنى «هل عم إسماعيل وخالتى نفيسة وأم حسين اللى بيبيعوا صوتهم عشان مش لاقيين يأكلوا بيسمعوا نجوم أف أم؟»، أشك فى ذلك تماما، وبما أننى من الأقاليم وأعرف كثيرا ممن يسكنون فى الأحياء الشعبية لذلك أعتقد أنهم ليسوا من مستمعى الإذاعة، وبفرض أنهم يستمعون إليها فهل من المعقول والمنطقى أن يكون هذا هو المبدأ الذى تنطلق منه الحملة بهذه الطريقة؟ وأن نتعامل مع بشر بعضهم لا يجد قوت يومه بهذه الطريقة؟.. لذلك أؤكد لكم أن ما يحدث حاليا هو حاجات شبه الحاجات، يعنى لا هى انتخابات بجد ولا التوعية مأخوذة بجدية، فما يجرى فيلم كبير ضخم الإنتاج، ولا أتوقع أن يحقق إيرادات كبيرة.