فرق كبير بين أن تتعامل مع الإسلام دينا، وأن تشترى بآياته ثمنا قليلا، فرق كبير بين أن تضعه نصب عينيك وتتأمل وتتفكر فى آياته وتجعله نبراسا أمام عينيك، وأن تعلق آياته على رقبتك لتجاهر أو تتاجر بها، فرق كبير بين أن تؤمن بشعاراته وتترجمها أفعالا، وأن تعرض شعاراته فى السوق لتترجمها أموالا ومقاعد، كل هذه الفروق الجوهرية تدفعنى للتساؤل: لماذا جعل الله الإسلام آخر الرسالات وهو يعرف أن الكثيرين سيشوهون قدسيته ويتاجرون بها ويختصرون رسالته السامية فى لحية فارعة أو زجاجة أو كيس سكر؟
انظر إلى الأحداث التى تعاقبت منذ أن فتح الباب للانتخابات البرلمانية وأنت تتأكد أن هنا العديد من الخطايا التى ارتكبت باسم الإسلام، حتى مع الإسلاميين أنفسهم، فها هو المتحدث الرسمى باسم حزب النور السلفى يجأر بالشكوى من ممارسات الإخوان المسلمين وألاعيبهم الانتخابية وتضليلهم للناخبين رغبة فى أصوات إضافية، وها هو الشيخ محمد حسان يصف السلفيين بأنهم أتباع «ميكيافيللى» وأنهم منحرفون عن تعاليم الإسلام لأنهم استخدموا صورته فى دعايتهم الانتخابية وضللوا الناس باسمه، وأشركوه فى معارك زائلة وهو منها برىء، ولو كان الشيخ محمد متولى الشعراوى حيا لجأر هو الآخر بالشكوى من الإخوان الذين يستخدمون اسمه وينتزعون رأيه فى جماعتهم من سياقه ويتناسون أنه طلب المغفرة لهم لأنهم دائما ما يستعجلون قطف الثمار، ويا للعجب!!
المتاجرة باسم الشعراوى الذى افتروا عليه وقطعوا حديثه من سياقه لأنه فى رحاب الله، وباسم حسان الذى دافع عن اسمه لأنه حى يرزق دفعتنى للتساؤل: ماذا لو كان رسول الله حيا بيننا ورأى من يتشدقون باسمه ويتاجرون برسالته وهم يرتكبون العديد من الخطايا دون أن يخجلوا من أنفسهم أن يوجهوا اللوم إليها، ثم دفعنى السؤال إلى سؤال آخر هو: لماذا بعث الله برسل وأنبياء واحدا بعد الآخر، ولماذا اختار أن يكون الإسلام هو كلمة الفصل بين الرسالات وخامتها؟
لا يملك الواحد إجابات قطعية فى مثل هذه الأسئلة الكبيرة، لكنه اجتهاد شخصى قد يصيب وقد يخطئ، وظنى أن الله سبحانه وتعالى كان يرسل النبى بعد الآخر ولم يكتف بنبى واحد للزمان لأن الأحبار والكهنة والمنتفعون كانوا يحرفون رسالاته المقدسة، ويشوهون أهدافهم السامية، ويحولونها لصالحهم وفى اتجاه منافعهم الشخصية، فكان من الواجب أن يحدث التطهير بعد التشويه، أما لماذا جعل الله الإسلام آخر الديانات؟ فلأنه سبحانه وتعالى غرس فيه ما يجعله باقيا أبد الدهر، بأن جعل العقل حاميه الأول، ونفى القدسية عن رجال الدين، ومنع المتاجرة باسمه، لكن هذا بالطبع لا يروق للمتلونين الذين قال الله عنهم إنهم «يشترون بآيات الله ثمنا قليلا» وللحديث بقية..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة