أكرم القصاص

.. زعيم الحرافيش

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال رجل: لا ثقة لنا فى أحد، ولا فيك أنت!
فابتسم عاشور قائلاً: قول حكيم.
وقهقه الحرافيش فعاد عاشور يتساءل: ولكنكم تثقون فى أنفسكم!
- وما قيمة أنفسنا!
- فتساءل عاشور باهتمام: أتحفظون السر؟
- نحفظه من أجل عيونك!
- لقد رأيت حلماً عجيباً، رأيتكم تحملون النبابيت.
وقهقهوا طويلاً، ثم قال رجل مشيراً إلى عاشور: هذا الرجل مجنون ولاشك، لذلك أحبه.
لم يتصور الحرافيش أنهم أقوياء يمكنهم حمل النبابيت، لكن عاشور الناجى كان يحلم، كان الفتوة الأخير فى نسل الناجى الذى أراد إنهاء الفتونة، وإقامة العدل. يحرض الحرافيش على حمل النبابيت وقد عاشوا طوال عمرهم مستبعدين وخاضعين لكل السلطات فى الحارة.

الجد عاشور الناجى مؤسس الفتونة العادلة اختفى كأنه تبخر وبقيت سيرته. وتوارث نسله النجاح والفشل والعدل والظلم. حتى يأتى عاشور الأخير ليطلب من الحرافيش أن يشاركوا فى سلطة الفتونة. وعندما ثار الحرافيش أعلن عاشور إن العدل أهم من الحرافيش، بدأ فى فرض ضرائب على الأثرياء، بناء الكتاب لتعليم أبناء الحرافيش وفرض عليهم أن يعلموا أبنائهم ويدربوهم. أراد عاشور أن يحرر الحرافيش من سلطة الظلم، بأن يقيم دولة الحرافيش فى الحارة، وأن يتجاوزوا «عاش الفتوة.. مات الفتوة».

ملحمة الحرافيش النص الأسطورى. ونجيب محفوظ هو أحد أهم معالم الشعب المصرى الخالدة.
وليست مصادفة أن يتزامن عيد ميلاد نجيب محفوظ المائة مع حملة ترجُم كتبه وتغتاله من جديد، وهو الذى كان رمزاً للتسامح.

لا نطلب ممن أغلقوا عقولهم أن يقرأوا محفوظ ، ولا المتحفزين والحاملين لأفكار لا يريدون تغييرها، ولكنا ننصح من لم يقرأ نجيب محفوظ أن يسارع بقراءته، ليعرف الكثير من التاريخ، ويفهم الكثير مما يجرى الآن، وربما فى المستقبل. لقد كان محفوظ أكثر من مجرد روائى، فقد كان يمتلك القدرة على تحليل الشخصية المصرية بكل تناقضاتها.. بشرها وخيرها، وخفة الدم، والخبث والتناقض، والازدواجية والاعتدال والتعصب.

هذه الأيام تمر مائة عام على مولده، ويحق للمصريين أن يفخروا بأن لديهم نجيب محفوظ. الذى ربما لو واجه من يريدون إلغاء كتبه، ربما لضحك وألقى إليهم بكلمات تؤكد تسامحه وتفهمه لوجهة نظرهم فى أن يهاجموه.. لم لا وقد تبادل الرسائل مع أحد الذين حاولوا قتله فى السجن.

نجيب محفوظ أحد معالم مصر والأدب فى العالم وأدبه يقدم دروسا للأخيار والأشرار ومن يستهدفون العدل.
هو زعيم الحرافيش الذى فهمهم، وتعاطف مع ضعفهم، وحلم أن يثوروا وقد فعلوها، فهل يفوزون وينتصر حلم محفوظ.

كان بعيد النظر بشكل لايجاريه فيه أحد.. وحتى هؤلاء الذين يحاربونه الآن، إذا بحثت عنهم ستجدهم فى أعمال نجيب محفوظ. لأنه حاول اختصار الشعب كله، وحتى الأغبياء، فقد كان يبحث لهم عن مبرر.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة