لم يجد شباب الفيس بوك حلا للعديد من الظواهر الفضائية التى انتشرت بعد الثورة، إلا الإفيهات التى تتبرأ منها، فقالوا «المسيحية ليست نجيب ساويرس، والإسلام ليس عبدالمنعم الشحات، والليبرالية ليست علياء المهدى وانت مش انت وانت جعان».. هكذا رفضت شرائح المجتمع بعض من ينغصون عليها حياتها، ويستهلكها فى معارك فرعية لا تغنى ولا تسمن، فروح الحرية التى أتيحت بعد الثورة، فاجأتنا بالعديد من السلبيات التى كنا ساكتين عنها، أو كانت مخفية عنا، وما هذا الانفلات إلا تمهيدا لاستقرار وتعقل آت لا ريب.
لا أريد أن أظلم أحدا أو أتجنى عليه، لكن ما لا يحمل الشك، هو أن هذه الشخصيات الثلاث، قد حولت العديد من المعارك الفكرية المؤجلة إلى واقع نحياه كل يوم، لكنى سأقف هنا عند رجل الأعمال المصرى نجيب ساويرس بتصريحاته المثيرة للجدل، وفى الحقيقة فإن بزوغ ساويرس الطاغى بعد الثورة، بداية من اشتراكه فى لجنة الحكماء التفاوضية، أثار استياء العديد من المتربصين بالفكر الليبرالى المستنير، فكونه مسيحيا وكونه رجل أعمال يدعم الأحزاب الليبرالية بماله، جعل الأمر يبدو وكأنه معركة بين الإسلام والمسيحية، ليشعل الحرب الطائفية البغيضة، فإن دعا الناس إلى التصويت بـ«لا» على التعديلات الدستورية، صور البعض دعواه بأنها انتصار للمسيحية، وإن أنشأ حزبا صور البعض حزبه بأنه حزب «صليبى»
فى الحقيقة لم يخيب «ساويرس» أمل المتربصين به، وبدوره لم يتردد فى أن يدلى بالعديد من التصريحات المستفزة التى تغضب المسيحيين قبل المسلمين، ولم يفصل بين كونه رجل أعمال، يحب رمى الإفيهات والتريقة دون حساب، وكونه رجل سياسة يحسب عليه كل كلمة يتفوه بها، ولذلك أصبح صيدا سهلا للإسلاميين، كما أصبح عبدالمنعم الشحات صيدا سهلا لليبراليين.
تصريحات ساويرس، وإفيهاته، وانتقاده الدائم للمتشددين الإسلاميين، أساءت إلى الليبرالية بشكل كبير، للدرجة التى جعلت البعض يتخيل أن الليبرالية تعنى الدفاع عن المسيحيين فقط، والحقيقة تقول عكس ذلك، فالليبرالية تدافع عن كل فكر سواء كان مسيحيا أو إسلاميا أو يساريا وتتيح له أن يعبر عن نفسه، والشاهد فى ذلك قول الفيلسوف المفكر الفرنسى «فولتير»، «قد أخالفك الرأى لكنى على استعداد لأن أدفع حياتى ثمنا لكى تقول رأيك» وهذا ما يثرى الحياة، ويجعلها قابلة للتجدد دوما، عن طريق تلاقح الأفكار وتخصيبها، بما يفيد المجتمع ككل لا طائفة أو فرد.
فى أحد أحاديث ساويرس التليفزيونية، قال: أبويا قالى متدخلش فى السياسة، ومتتكلمش فيها، لأنها بتجيب وجع الدماغ والمشاكل» لكنه برغم ذلك دخل إلى السياسة، وتكلم فيها فقامت معارك، واشتعلت منافسات، مستفزا الكثيرين، ولذلك أتساءل لماذا لم يسمع ساويرس «كلام أبوه»؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة