غداً يتوجه أكثر من 18 مليون ناخب فى 9 محافظات جديدة إلى الصناديق فى المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية لأول برلمان بعد ثورة يناير، وما علينا هنا إلا أن نناشد جميع جماهير الشعب العظيم إلى الخروج من جديد واستعادة مشهد المرحلة الأولى التى أبهر فيها المصريون العالم بوقوفهم فى طوابير الحرية أمام كل اللجان.
لن نقيس هنا على مرحلة الإعادة لأن الأسباب والدوافع لعدم الخروج عديدة منها انحسار المنافسة إلى مرشحين فقط وكانا فى الغالب من التيار الإسلامى، إضافة إلى أساليب الدعاية السيئة والمخالفة لتعليمات لجنة الانتخابات باستخدام الشعارات الدينية وتشويه المرشحين المنافسين بدعاية سوداء أدت إلى عزوف الكثير من الناس عن التصويت.
التوقعات أن يوم الغد وبعد الغد سوف يشهد خروجاً كبيراً ولكنه هذه المرة بوعى أكبر قليلاً من المرة الأولى، فالاختيار هنا سيتم التدقيق فيه إلى حد كبير، ونتائج المرحلة الأولى ليست مقياسا أو مرجعية يمكن الاحتكام إليها، وقد تشهد المرحلة الثانية مفاجآت ربما لا تكون بالحجم الذى نتمناه ولكنها قد تكون مؤثرة فى التنوع السياسى والفكرى داخل البرلمان، وهذا ما نريده.
أخطاء التيار السلفى بعد المرحلة الأولى قد تدفع به إلى خسارة بعض المقاعد بعد هوجة الفتاوى التى أفزعت وأخافت الناس وأدت إلى رد فعل اجتماعى سريع صادم لرموز هذا التيار، كذلك لغة الغرور والثقة المبالغ فيها التى يتحدث بها حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان، قد تؤثر على تفوقه فى المرحلة الثانية أيضاً، فلم تكد تمر على الانتخابات سوى مرحلة واحدة حتى راحت الجماعة وحزبها تتحدث عن السلطة والحكومة التى ستشكلها وعن الدستور والجمعية التأسيسية، وكأن الأمور قد استقرت لها وصعدت بها إلى كرسى الحكم، لذلك خرجت أصوات من التيار الإسلامى تحذر من تكرار حادث «رماة الجبل» فى غزوة أحد، عندما ترك الرماة المسلمون أماكنهم ونزلوا إلى حيث تقسيم المغانم والمكاسب فالتف جيش قريش بقيادة خالد بن الوليد حول المسلمين وهزمهم.
المرحلة الثانية هى مرحلة قياس مدى الوعى الانتخابى الذى اكتسبه الناس بعد المرحلة الأولى وانكشاف جميع الأحزاب والتيارات والجماعات بآرائها وأفكارها أمام الناس، والرهان الآن على عقل ووعى الناخب وضميره الوطنى الحر.