أكرم القصاص

بكتيريا فى جامعة القاهرة

الأربعاء، 14 ديسمبر 2011 07:31 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدقاء الجهل لا يريدون لنا أن نلتفت للمستقبل، ينقلونا من جدل تافه، إلى جدل جاهل.. لم ننته بعد من حملة على التاريخ والحضارة والآثار، حتى دخلنا فى جدل المايوه والسياحة، ومن هجمات الجهل النشيط على نجيب محفوظ أحد أعظم إنجازات الفكر، إلى هجمة أخرى على جامعة القاهرة.. كنا نتصور أنها مجرد آراء مفردة لبعض ناقصى العقل لا تستحق المناقشة، لكننا أمام بعض من يخطبون فى الجموع، ويجدون من يستمع لترهاتهم من دون أن تصيبهم حساسية من أى نوع.

حتى جامعة القاهرة أحد أهم معالم حضارتنا الحديثة، ومصدر أفكار الثورة والتغيير والتقدم والعلم لم تسلم من هجمات الجاهلية الجديدة، ولا نعرف من أين يستقى هؤلاء كلامهم، وكيف تواتيهم الجرأة ليطلقوا غازات فكرية تعكر أجواء الطريق للمستقبل.

عندما يقف متحدث ليقول إن جامعة القاهرة كان من أهم أهداف إنشائها قبل مائة عام تغييب شرع الله ومنع تطبيق شريعته، قد يعتبره البعض شخصا لا يؤخذ على كلامه، يفتقد إلى العقل والمنطق، ولو قاله أحد أعداء الحضارة والإسلام لاعتبرناه نوعا من التخريف، أما أن يطلقه شخص يعتبره البعض داعية فهو أمر يحتاج إلى رد، خاصة لمن استمعوا إليه ولم يشعروا بالصدمة.. شومان هنا ليس داعية لكنه شخص يتحدث فيما لا يعلم، ولا نعرف على يد من تتلمذ، ليلقى بهذا الكلام الجاهل أمام طلاب جامعة القاهرة.

الجامعة التى كانت أحد إنجازات الشعب المصرى وحضارته ربما لا يعرف حازم شومان أن مصر عرفت أقدم جامعة فى العالم «الأزهر الشريف»، التى قدمت للعالم كبار المفكرين والفقهاء الحقيقيين، وليس المدعين وهواة الشهرة، مصر التى شهدت الأفغانى والكواكبى ومحمد عبده والمراغى وحسن العطار وغيرهم مئات ربما لا يعرف عنهم الجاهليون الجدد شيئا، ويستمدون أفكارهم من مصادر أخرى، وللحق نحن نعلم أن من بين الإسلاميين من يرفض هذه المعارك.

ولا نعرف ما هو رد فعل الطلاب الذين دعوا شومان إلى الجامعة، وهل يوافقون زعيمهم على كلامه، أم أن لهم رأيا آخر، ولو كانوا يوافقونه فهل يتحركون ليهدموا جامعة القاهرة التى كانت من أوائل الجامعات العربية والتى قدمت للعالم العلماء والباحثين والأفكار، وقد تراجعنا عندما تراجعت جامعاتنا وفقدت استقلالها وتدخلت فيها السلطة، وغزاها الأمن والتسلط. ولو أراد شخص أن يسىء للإسلام ما فعل أكثر مما يفعله هؤلاء، الذين يتصدرون الحديث باسم الإسلام، وهو منهم براء.. هى ليست حربا على الإسلام، بل إنها حرب على الجهل بالإسلام ومن يسيئون إليه، باختراع معارك وخلافات وصراعات لا علاقة لها بالواقع ولا بالناس.

عندما نفكر فى مصر المستقبل فإننا نرى البداية من التعليم والجامعات والبحث العملى، ويأتى الجاهليون الجدد ليطالبوا بهدم الجامعات، وإلغاء العلم والعقل لأنهم لا يمكن أن يروجوا بضاعتهم إلا فى بيئة مختلة، مثلما تنمو البكتيريا فى وسط ملوث، والديمقراطية تعالج الجهل، والجاهلية الجديدة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة