محمد الدسوقى رشدى

مش «فسفورى».. ومش خايف!

الجمعة، 16 ديسمبر 2011 07:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يتخيل الرجل للحظة أن يكون سر هذا «التوهان» الذى تملكنى فجأة وتسبب فى تأخرى، هو التردد فى اختيار «الصباع» الأفضل لكى أمنحه أفضلية الانغماس والاحتفاظ بتلك الذكرى وهذا الشرف.. شرف أداء الأمانة..

(خلاص يا أستاذ.. فى حاجة يا أستاذ).. هكذا قال الرجل، ولم تأته منى إجابة سوى انتفاضة خفيفة، قطعتها بإغراق «صباعى» الصغير فى بحر من الحبر لأكتشف لحظتها أنه ليس فسفوريا على الإطلاق، وأن حماسى الانغماسى كلفنى الكثير، فخرجت من اللجنة الانتخابية بيد يشوهها الكثير من الحبر العادى، وتكللها ذكرى ستدوم طويلا وليست كما ذكريات الفسفورى الذى كنا نستخدمه فى زمن انتخابات مبارك ويطير من على الأصابع بمجرد الخروج من اللجنة الانتخابية مثلما كانت أصواتنا تطير من الصناديق ذاهبة لمن لا يستحق.

انفردت بالصندوق وكانت الديمقراطية ثالثنا، واندمجنا، وزارت الأحلام رأسى، ورسم المشهد فى مجمله بداخلى فرحة بالناس وبالبلد وبالثورة وبكل شىء ولكنى لم «أتفسفر».. خرجت من اللجنة بروح مختلفة، روح ترى الوطن ولا تفكر فيمن ستكون له الغلبة داخل البرلمان، روح تدرك أنها الآن تملك السلاح القادر على تقويم الأغلبية مهما كانت قوتها، وردع السلطة مهما كانت أخطاؤها.. سلاح اسمه صندوق الانتخابات، بداخله طلقات قوية اسمها صوت المواطن المصرى.

إحساس رائع ذلك الذى تملكنى بالأمس، وأنا بداخل لجنة انتخابية لو سارت كل أمور اللجان كما هو الوضع فيها لقطعنا الطريق نحو النهضة فى نصف الزمن، ليس فقط لأن مدرسة محمود عمر مقر اللجنة كانت نظيفة ومنظمة، وليس فقط لأن كل فرد داخل اللجنة كان يعى تماما مايفعل، ويعرف بالضبط طريق الدخول والخروج، وليس فقط لأن الأهالى اصطحبوا أطفالهم وذهبوا إلى حيث الصناديق باسمين فارحين، وليس فقط لأن الكل كان يقدم المساعدة بصدر رحب، وليس فقط لأن الأمر كله بدا وكأنه رحلة أو نزهة، وليس فقط لأن ثلاثة أطفال لم تتعد أعمارهم 13 عاما جلسوا أمام اللجنة خلف منضدة ضغيرة ومعهم لاب توب ورفعوا شعار «اعرف لجنتك» لمساعدة الناس لوجه الله والوطن وليس من أجل دعاية أو إغراء الناس بمرشح معين، وحينما سألتهم عن سر اهتمامهم ردوا قائلين: (النهاردة إجازة.. وإحنا ملناش صوت بس كان لازم نشارك ونعمل حاجة، إحنا أصلا عاملين اتحاد هنا للتنظيم ونظافة المنطقة وده جزء من نشاط الاتحاد بتاعنا).

أعود إلى الإحساس الرائع الذى كان سببه الرئيسى هذا الإيمان الذى يمكنك ببساطة أن تلمحه فى وجوه القادمين للقاء الصندوق، الإيمان بأن مستقبل أفضل ينتظرهم عبر هذا الطريق، الإيمان بأن غدا ومابعده من أيام أصبح ملك يمينهم سيصنعونه ويشكلونه كيفما أرادوا، وحيثما وجدت مصالحهم ومصالح أطفالهم، فلا تخذل أبناء وطنك بالسقوط فى فخ اليأس، أو الوقوع فى شرك الإحباط، كن مثلهم، كن مع الثورة التى ضربت أطلال اليأس والفوضى بداخلنا ودفعتنا نحو المشاركة، عمم مشاعرك والنظام والاحترام والحماس الذى أصابك أثناء الوقوف فى طوابير اللجان الانتخابية على كل مناحى حياتك، لا تستحى أن تقدم النصيحة لمن يجاورك، لا تخجل من أن تمد يدك لتنتشله من مستنقع الارتباك والحيرة واليأس، ولا تتراجع عن ذلك الطريق إذا لم تجد استجابة أو بادرك أحدهم بإحراجك.. استمر لأن الإصرار وحده هو الذى يصنع المستقبل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة