فى كل مرة تقع المأساة، وندور فى دائرة العبث، للبحث عن المسؤول فى تفجير الأوضاع على الأرض.. ثم نهدأ دون الوصول إلى الحقيقة التى ترضى جميع الأطراف.. من خلال لجنة تحقيق مستقلة ومحايدة. وتبدأ لعنة الاتهامات المتبادلة والتشكيك فى النوايا والإحالة إلى «الطرف الثالث»، أو «اللهو الخفى» الذى يقف وراء الأحداث، دون الكشف عنه أو العثور عليه.
دائرة ودوامة دموية مرهقة، ندور فيها منذ أحداث مسرح البالون، ثم ماسبيرو، وأحمد محمود إلى شارعى قصر العينى، ومجلس الوزراء الآن.. وجار البحث من الآن عن شوارع جديدة ،لإراقة المزيد من الدماء وسقوط عدد آخر من الضحايا، طالما أن هناك أطرافا لا ترى أنه من الضرورى أن تستقر الأوضاع، وتهدأ لكى يعالج الوطن جروحه المتسعة، والنازفة المعرضة للشمس، ويلملم أشلاءه المبعثرة فى كل اتجاه، وطالما أن لغة الحوار والتفاهمات غائبة، وملغاة بل وباتت نوعا من أنواع الخيانة الوطنية لدى بعض الأطراف. وفى المنتصف يركب بعض الهواة والمحترفين حصان الثورة، ليلمع سيف لسانه، فلا مانع من بعض النفاق، وقليل من المزايدة والمتاجرة، حتى لو كان ذلك على حساب مصير ومستقبل الوطن الذى يحترق، ولا ينقصه المزيد من الفوضى.
نعود لنطرح الأسئلة الحائرة إياها فى كل مرة، والتى دائما ما ترتد إلينا دون إجابة تشفى الغليان فى الصدور، وتطفئ نيران الغضب، من المستفيد من اشتعال الأحداث؟ ومن يفتعلها ويقف وراءها؟ ومن المتسبب فيها؟ ولماذا كل هذا العنف والشراسة فى التعامل؟.
هل أحداث مجلس الوزراء «بروفة» لما هو أسوأ قادم، قد يكون تم الإعداد له سلفا للصدام العنيف مع المجلس العسكرى، والدخول فى سيناريو فوضى كارثى، أشد من سيناريو هزيمة الشرطة فى 28 يناير.
هل هناك من يتضرر من سيناريو الاستقرار الذى دارت عجلته بالتزام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وتسليم السلطة نهاية يونيو المقبل. هل هناك رغبة فى الانتقام من المجلس حتى لوجاء ذلك على حساب المصلحة الوطنية، وتعطيل الانتخابات وإلغائها والعودة إلى المربع الأسود رقم صفر.
الوضع الغائم والضبابى لا يساعد كثيرا على الفهم، وطلاسم الصورة تزداد تعقيدا فى غياب التفسيرات المنطقية من المعنيين بالحكم، أو من «الثوار الحقيقيين»..والوطن هو الضحية.