الأول فى يده شفاء للناس، والثانى فى روحه نور وهدى وحياة، لكن يد الخسة الباطشة النجسة قطفت الأول، وأزهقت روح الثانى، الأول هو علاء عبد الهادى طالب الطب، والثانى هو الشيخ عماد عفت أمين الفتوى بالأزهر الشريف، استشهدا أمس الأول أمام شارع مجلس الوزراء، كانا يأملان فى أن يُذهب الله بنوره مرض الناس وأدرانها، لكن ماذا نفعل يا أخى، والمرض عضال، والداء لدود.
ماذا كنتما فاعلين والغمامة التى فوق العيون تأبى دائما أن تنزاح؟ ماذا كان بيدكما إلا أن يفوح عطر روحيكما لعله يوقظ النائمين، أو يحيى الميتين؟ العين بصيرة، ترى الوطن فى كامل أبهته وجماله وجلاله، واليد قصيرة، لا تصل إلى إخواننا الذين غيبوهم وألهوهم وأرهبوهم وضللوهم، لم يبق لنا إلا أن نتساقط الواحد بعد الآخر، لنروى بدمائنا أرضنا لنرى لها ثمرا، وأن تذهب أيامنا إلى مستقبل يتنعم به غيرنا، حسبنا الموت حياة، فكانت حياتنا موتا، ولما تساوى لدينا المصيران، كانت الشهادة واجبة.
أعرف أن اختطاف الشباب من أمام مجلس الوزراء عند الناس أصبح عاديا، وأعرف أيضا أن تعذيب إنسان لمدة ساعة، لمجرد أنه اشتبه فى ضابط يختطف زملاءه وأصدقاءه، لم يهز شعرة فى جسد الجبناء، وأعرف أن سحل البنات، والتبول على الشباب، أصبح عادة الخائنين الخوانين، لكنكما لستما بجبناء ولا خائنين، فبمجرد أن انتشر الخبر، سارعتما إلى شارع قصر العينى لتعرفا الحقيقة، حاولت أجهزة الندامة والتجسس أن تكذب كالعادة، وتقول إن المعتصمين بلطجية، ففضحتهم أنت يا علاء، ولما استشهدت يا شيخنا حاولوا أن يبرروا فجورهم، بادعاء أنك لم تكن متعاطفا مع المعتصمين، أنك كنت فى طريقك إلى البيت، وأصابتك رصاصة الغدر صدفة، لكن لا تقلق، فأخت زوجتك كذبتهم، وقالت حقيقتك الطاهرة المطهرة الأبية النقية، وقالت إنك كنت دائم الزيارة للاعتصام، لتشد من أزر أخوتك، وإن هذا موقفك، وأنك كنت تعلم أنك ميت، وأنك كنت تتمنى الشهادة، وها أنت قد نلتها لينير الله بها طريقنا، ويكرمك وينعمك ويضعك مع الشهداء والأنبياء والصديقين.
من كان منكم يريد المستقبل والاستقرار، فقد مات علاء عبدالهادى، ومن كان منكم يريد شرع الله، فقد أكد لنا موت الشيخ عماد، أن شرع الله وحامليه يضربون بالرصاص، أما الذين يكذبون ينافقون ويتآمرون على الشعب بغية سلطان، أو كرسى فى مجلس الشعب، فمصيرهم إلى مزبلة الشعب، أما أنتما يا أخواى فذنبكما حلم وصدق، وقاتلكما يعشق الكوابيس، ويحترف الافتراء، ويشهد الله أنكما لم تنشغلا بإفك الأفاكين، ولا تنطع المتنطعين.. الذين حشدوا لكم ترسانتهم الإعلامية الكاذبة الخائنة، أرادوا أن يطفئوا نور الثورة بأفواههم، والله متم نوره ولو كره المتآمرون.