بعد أيام قليلة من شعور عام بالوجود الأمنى الملحوظ فى الشارع، وبعد فرحة عامة من العرس الديمقراطى المتمثل فى إجراء الانتخابات، أيا كانت القوى السياسية التى أعطاها الناخب أو التجاوزات التى حدثت فيها صوته، بعد كل ذلك ينفجر الموقف أمام مجلس الوزراء ليسقط قتلى وجرحى، ويحدث تدمير للمنشآت، وذلك دون سبب مفهوم.
الحديث عن الطرف المتسبب فى المأساة التى بدأت يوم الجمعة الماضى لم يعد يجدى، فكل طرف يرمى بالمسؤولية على الآخر، فالمعتصمون أمام مجلس الوزراء يرون أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو المسؤول، لكنهم لا يعترفون فى الوقت نفسه بأنه لا منطق فى إصرارهم على منع رئيس الوزراء والحكومة من دخول مبنى الحكومة لعقد الاجتماعات التى تسيّر الأمور بالدرجة التى تكشف ما إذا كانت الوزارة ستؤدى عملها على الوجه الذى نريده أم لا.
المأساة الكبرى فيما يحدث، أننا أمام مشهد عام لا يوجد اتفاق على تشخيصه، فبينما تصرخ النخبة السياسية الليبرالية واليسارية مطالبة بدولة مدنية بدستور مدنى، وتنتقد التيارات الدينية بعنف، تترك الشارع لهذه التيارات لتحصد الانتخابات بكل سهولة، وليس هذا عيبا فى هذه التيارات، بقدر ما هو تعبير عن قصور كبير عند من ينادون بالدولة المدنية، فى كيفية الوصول إلى رجل الشارع الذى له كلمة الفصل فى كل شىء.
اشتعلت الأحداث فى الوقت الذى كانت الأنباء تتسرب لمواصلة حزبى الحرية والعدالة، والنور، اكتساح الانتخابات بالمرحلة الثانية، وتوقف المعارضون للحزبين عند تفسير أن هذا النجاح جاء لاستخدامهما شعارات دينية فقط، وإذا كان هذا صحيحا فى جانب، فإن هذا النوع من القراءة يتجاهل رغبة الناخب فى البحث عن الاستقرار، وقد وجد الناخب أن هؤلاء هم القريبون منه ومن لغته، بينما لا يوجد الآخرون معه فى معاركه اليومية.
واللافت للنظر أنه فى الآونة الأخيرة، كلما اندلعت موجة غضب تعبر عن نفسها بالاعتصام والتظاهر، تحصد نتائجها التيارات الدينية التى لا تشارك فيها، وتحتاج هذه المسألة إلى قراءة مختلفة عما هو سائد.
ما حدث من يوم الجمعة الماضى، حصد قتلى وجرحى، وبالرغم من ذلك لا يوجد اتفاق شعبى على جدوى ما حدث، ومن السابق لأوانه الحديث عن أن هناك تأييدا شعبيا لاعتصام انتهى بهذه المأساة، فهل هناك من يصر على تقديم ثورة 25 يناير إلى الناس بوجه قبيح؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة