الكل يسأل: إلى أين تتجه مصر، خاصةً فى ظل هذه النجاحات الباهرة التى يحققها الإسلاميون فى الانتخابات البرلمانية؟.. بالطبع مصر تتَّجه للأفضل والأحسن ولا خوف عليها، لأنها لن تتقهقر للخلف مرة أخرى، ولن ترجع إلى الفساد والمحسوبية والديكتاتورية طالما أن هذا الشعب يملك وعيًا ومشاركة قوية وإيجابية فى الانتخابات البرلمانية بكل مراحلها.
وأتفق مع أخى الدكتور معتز عبدالفتاح فى أن نجاح مصر فى مسيرتها السياسة يتوقف على مغادرة المجلس العسكرى للسلطة فورًا عقب اكتمال العملية الانتخابية للبرلمان، ثانيًا أن يكون دستور البلاد توافقيًّا يمثِّل جميع أبناء مصر من خلال لجنة تأسيسية يشكلها البرلمان القادم دون تدخل من العسكريين.. لكن أختلف معه فيما يراه من ضرورة أن يكون الرئيس القادم من غير الخلفية السياسية للأغلبية البرلمانية.. فهذه مصادرة لإرادة وحرية الشعب المصرى، فهو يختار من يشاء لمنصب رئيس الجمهورية، أما حجة توازن السلطات بين جميع الأطراف؛ لأن الأغلبية فى البرلمان ستكون للإسلاميين فهى حجة واهية، وذلك لضرورة الانسجام بين الرئيس والحكومة القادمة والتى يشكلها البرلمان.. أما فزاعة الضغوط الخارجية فهذا أمر مرفوض لأن الشعب المصرى لا وصاية عليه فى اختيار الرئيس أو أعضاء البرلمان.
فالإسلاميون لم يأتوا من كوكب آخر، فهم أبناء هذا البلد وهم من ضحوا من أجل رفعته عقودًا عديدة، وكانوا رأس الحربة فى مواجهة الأنظمة الدكتاتورية على مر العهود.. ولم يجنوا ثمار نضالهم فى الانتخابات البرلمانية من فراغ، بل من حقهم اليوم أن يتصدروا المشهد السياسى بعد أن حملتهم صناديق الانتخابات إلى البرلمان.. لكن يبدو أن الليبراليين بعد فشلهم الذريع فى الانتخابات البرلمانية كفروا بالديمقراطية التى كانت ديدنهم فى الذهاب وفى الإياب؛ لأنها حملت الإسلاميين إلى السلطة، وهو خطأ جسيم يقع فيه الليبراليون ليعلقوا عليه فشلهم، فإذا كانوا يؤمنون بالديمقراطية حقا فعليهم أن يسلموا بنتائج تلك الانتخابات الحرة التى لا يشكك فى نزاهتها إلا حاقد أعمى.
وقفت مثل كل المصريين فى الطوابير الانتخابية للإدلاء بصوتى بدائرة الجيزة واستمعت للشباب المتحمس والرجال والنساء، والكل يؤكد أن الإسلاميين هم رجال هذه المرحلة والأصلح والأقدر على تولى شؤون البلاد، مصداقيتهم وقربهم من الجماهير أحد العوامل الرئيسية لانتخابهم، وآخر قال لى: انتخبت الإسلاميين؛ لأنهم تعرضوا للقمع والاضطهاد خلال حكم مبارك، ومن حقهم اليوم ممارسة العمل السياسى، فلماذا لا نعطيهم الفرصة، خاصة أنهم لن يسرقوا الوطن مثلما سرقه أعوان مبارك.
بعد تلك الكلمات التى سمعتها من الكثير من المواطنين وأنا على أبواب اللجنة الانتخابية أيقنت أن مصر تسير إلى الإمام لأن شعبها اليوم تخلى عن السلبية ويتكلم بكل حرية دون قيد بل يسعى لتغيير بلاده بنفسه ولن يسكت على سلطة - مهما كانت - إذا انحرفت عن أهداف الثورة.
ولذلك من حق هذا الشعب الصابر أن يقول ويعبر عن رأيه ويختار من يراه صالحًا ولا يصادر أحد اختياره ورأيه.. ودعونا من الفزاعات والتخويف من التيار الإسلامى فالغرب لا يرى إلا مصالحه فقط والعالم يحترم الأقوى ويهضم الضعيف، فلنكن أقوياء بإرادتنا وهويتنا الإسلامية ولنبنى مصر القوية.