كاميرا واحدة لا تكفى، وفيديو واحد لا يقدم كل الحقيقة فى الميدان ومجلس الوزراء والحرائق هناك دائما نصف الحقيقة، والنصف الثانى غائب. فيديوهات، وتسجيلات مضادة، من البداية معتصم راح يحضر الكرة من مجلس الشعب، خرج مصابا ومضروبا، الضباط قالوا إن عبودى شتمهم وسخر منهم فاعتدوا عليه.
المجلس الأعلى للقوات المسلحة قال إنه لم يطلق الرصاص على المتظاهرين، بينما فيديوهات وصور الاعتداء على الشباب والبنات بكل قسوة من جنود الجيش، وعشرة شهداء ليس من بينهم بلطجى بل شيخ فى الأزهر وطبيب وطالب.
المجلس الأعلى نشر فيديو عن أطفال شوارع وبلطجية يحطمون الأسوار ويشعلون النيران فى مجلس الوزراء ومجلس الشعب، والدكتور الجنزورى سأل: فيه ثائر عمره 12 سنة؟ فيديو الحرق والتحطيم يبدو صحيحا، لكنه يقدم جزءا من الصورة، أطفال وبلطجية، بعض الموجودين فى المشهد، ونتائج سنوات طويلة من حكم مبارك توحشوا من التجاهل والظلم والفساد، ومن الصعب التحكم فيهم وحتى المعتصمون يعجزون عن التحكم فيهم، ومقابل هؤلاء الأطفال لم تنقل الكاميرا متظاهرين يمنعون الحرق والتكسير ويطفئون الحرائق، فيديو المجلس نصف حقيقة.
وفى حريق المجمع العلمى كان هناك من يلقى المولوتوف على المبانى، وفى الطرف الآخر كان هناك من بين المتظاهرين من يسعى لإطفاء الحرائق، وإنقاذ الكتب والوثائق من النيران ، هناك إذن من يحرق ومن يطفئ، ومن يسرق ومن ينقذ، المتظاهرون يعلنون حزنهم على المجمع العلمى والمجلس والأعلى.. من إذن أشعل النار؟ وضمن حرب الثنائيات هناك من يقول كيف نحزن على حريق الكتب ولا نحزن على دماء الشهداء؟ ومن يقول التاريخ أهم، لاتاريخ بدون بشر ولا بشر بدون ذاكرة، وعلينا أن نحمى البشر والتاريخ معا.
كل طرف ينشر ما يخصه وما يؤيد وجهة نظره، كل كاميرا من زاوية، كل طرف لديه أخطاء ولديه اتهامات، وحتى فى تفسير ما يجرى لدى كل فريق نظرية مؤامرة خاصة به، متظاهرون يرونها مؤامرة من المجلس العسكرى لإثارة الفوضى حتى يستمر فى الحكم، وإسلاميون يرونها مؤامرة من المجلس والمعتصمين على نتائج الانتخابات، المجلس الأعلى يشير إلى طرف ثالث يخطط لمؤامرة تهدم الدولة وتصنع الفوضى وتضيع نتائج الانتخابات، هناك اتفاق على وجود مؤامرة من طرف أول أو ثان أو ثالث.. كل طرف.
لكل فريق فضائيوه ومحللوه، هناك من يدافع عن المجلس ويتهم المعتصمين، ومن يدافع عن المعتصمين ويتهم المجلس. بينما الحرائق تستمر، لا أحد يعرف كيف بدأت، ولا كيف انتهت، وبعد الحريق تبدأ فرق الإطفاء، والمبادرات التى تأتى متأخرة ومن منحازين.
لكل مؤامرته الخاصة، وكاميرا واحدة لا تكفى لمعرفة الفاعل والمتآمر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة