صديقى الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة، تعرض لأول اختبار حقيقى فى مواجهة طيور الظلام من السلفيين والمتطرفين الجدد وخفافيش العصر، صديقى الدكتور شاكر مثقف كبير وناقد عظيم ومفكر يمثل إبداعه الفكرى والبحثى إحدى قلاع التنوير فى البلد، وفى كل مواقعه سواء بالمجلس الأعلى للثقافة أو أكاديمية الفنون، عرف عنه اجتهاده ومساهماته الدءوبة فى تأكيد دور مصر الثقافى والريادى فى المنطقة، لكل ذلك وهاتيك لا أتصور أن كرسى وزارة الثقافة يغير منحنى الرجل وفكره بين يوم وليلة، لا أتصور مطلقاً البتة أن يتخلى المفكر عن دوره لصالح الوزير، والمثقف لصالح الموظف، والتنويرى لصالح الإدارى، والمبدع لصالح الروتين، ولو أن الأمر هنا يتعلق بمهمة وزير عادى أو تكنوقراط لقلنا المصيبة هينة لكن المسألة هنا تتعلق بوزارة ثقافة، صناعة عقول، ضمير أمة، حضارة شعب، تاريخ ومنارة، وسمعة مصر بكل حقبها وحلقات عمرها فى بناء الضمير الإنسانى والإشعاع الفنى أسمع من يسألنى هوه عمل إيه، وعلى إيه الهليلة دى.. وإجابتى وأنا ممرور وفى حلقى غصة هى أن الصديق الوزير استجاب لشكوى بعض الموظفين الذين فعلوا مثلما فعل عبدالمنعم الشتام وقرأوا غلاف ديوان شعر للشاعر اليونانى المصرى السكندرى كفافيس واتهموه بأنه ديوان قلة أدب وبورنو، الأخوة الموظفون فى إدارة العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة والذين يعملون تحت إشراف الدكتور حسام نصار وكيل أول الوزارة للعلاقات الثقافية الخارجية استقطعوا مقاطع من كلمات قسطنطين كفافيس على طريقة «لا تقربوا الصلاة»، وأمدوها بشكوى للوزير لينسف الكتاب لأنه من وجهة نظرهم خروج على الدين وقلة أدب، الكارثة أن هؤلاء لا يعرفون من هو قسطنطين كفافيس الذى يحتفل العالم كله بذكراه هذه الأيام والذى أهدى تراثه وبيته ومكتبته للإسكندرية قبل وفاته وصارت احتفاليته السنوية فى مصر واليونان أحد المزارات الهامة لكل مثقفى العالم، ثم إن ترجمة أشعاره للعربية جعلت النقاد والباحثين فى كل الدنيا يأتون لزيارة مصر والإسكندرية بالتحديد والكارثة الكبرى أن هؤلاء لم يقرأوا وإذا قرأوا فهم لا يفهمون وأم الكوارث أن الوزير المبدع الذى قدم للمكتبة العربية أهم دراسات سيكولوجية الإبداع ويعرف الفرق بين اللغة ومفرداتها التى هى أوعية المعانى كما يقول الجرجانى وبين الدلالات والمستويات للفهم والتلقى، لم يقل لهؤلاء قفوا لست أنا من يسمح لطيور الظلام أن تدخل الوزارة ويكون لها أصوات، بدلاً من فعل ذلك حول الشكوى للدكتور حسام نصار ممهورة بكلمة مع تحياتى، السؤال الآن إلى أى طريق نحن سائرون؟ وإذا كانت طيور الظلام طالبت بإعدام أدب محفوظ وتغطية التماثيل بالشمع والآن يطالبون بإعدام قصائد مترجمة لشاعر عالمى مارس الوفاء فى أروع صورة لمصر وللإسكندرية، فإلى أين نحن ماضون هل يستطيع صديقى الدكتور شاكر أن يجيب.. «مع تحياتى»!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة