حنان شومان

فتنة الإعلام

الجمعة، 23 ديسمبر 2011 05:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ سنوات ظهرت مقولة تم تداولها وهى لو أن نكبة فلسطين قد حدثت فى زمن الفضائيات والإنترنت ما كانت قد ضاعت، بل كان سيتم فضح إسرائيل على رؤوس الأشهاد، وربما كان ذلك كفيلا بعدم ضياع فلسطين من أيدى أهلها... هكذا تردد وكنت من بين من يلجأون لترديد هذه المقولة فى بعض الأحيان، ولكنى فى هذه اللحظة أعتذر عن سابق ترديدى لها، لأنى وأنا أحيا الوضع الآن فى مصر تكشفت لى فتنة الإعلام ومأزقه بصورة غير مسبوقة، هذا مع الوضع فى الاعتبار أنى واحدة من أهله، فما بال عامة الناس الذين يتعرضون له.

تخيل- وإن كان لا حاجة لك بالخيال- فأنت كمواطن تذهب كل يوم إلى عملك ثم تعود منه وقد قرأت فيه بعض الصحف، وقد تزيد عليها فى بيتك أو تكتفى بما قرأته وتتناول طعامك، ثم تتجه لجهاز التليفزيون لتعرف منه ما يدور فى مصر وتجلس مسترخياً على الكرسى فتفتح قناة تجد فيها مذيعاً يقول إنه يبحث عن المهنية ولا شىء غيرها ومعه ضيف يحكى كيف واجه الرصاص فى التحرير ولماذا يتواجد أطفال الشوارع إلى جوار الثوار وعبثية حكم العسكر وكله بالصور والمستندات.

وتقرر أنت كمواطن متلق أن تنتقل إلى محطة أخرى لتجد مذيعًا آخر يقول نفس ما كان يقوله المذيع الأول ولكن مع ضيف مختلف يحكى عن معاناة الجيش فى التعامل مع مدنيين قرروا أن يشكلوا ميليشيات حرب شوارع وأن يهددوا بحرق مصر قبل تراثها وأن البلطجية انتشروا والثوار تواروا إلا على تويتر والفيس بوك وكله بالصور والمستندات.

وبعد أن تتململ من هذا البرنامج وإعلانات السمنة وزيت الشعر تجد نفسك مدفوعا لأن تنتقل إلى محطة أخرى ومذيع آخر يردد ذات ما سمعته من المذيعين السابقين ولكن مع اختلاف الضيف، فهو أم أو أب أو قريب لشاب اغتالته يد مجهولة وتطلب القصاص على موسيقى حزينة وكله بالصور والمستندات.

ثم تعود لتدوس يدك على الريموت ليخرج لك شيخ أو ثائر معروف أو مسؤول فى الدولة تحولوا جميعاً إلى مذيعين كل واحد فيهم يغنى على ليلاه وكلهم أيضاً بالصور والمستندات وإن تضاربت أقوالهم.

ولو كنت من بين هؤلاء الذين يتعاملون مع الإنترنت قد تقرر الانتقال إلى هذه الوسيلة هرباً أو أكثر استزادة من المعلومات فتجد من يرسل لك رابطا لخبر يقول محتواه إن الاشتراكيين الجدد يسعون لإسقاط مصر بالفيديو، وآخر يرسل لك رسالة تقول بالصور إن الجيش يقتلنا، وعلى تويتر تشعر أن مصر تهتز لتخرج تنظر من الشرفة فلا تجد شيئاً.

وعودا على بدء لو كانت نكبة فلسطين تدور رحاها الآن ما عرف أحد الحقيقة، فيا مثبت العقل والدين اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ونجنا من فتنة الإعلام حتى لو كنا من أهله.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة