«وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى» هذه الآية الكريمة هى أنسب ما يوصف به الحال الآن، فشاء جل وعلا أن يفضح المجلس العسكرى على يد من أراد به أن ينكل بالثورة والثوار، وها هو الطالب منصور أمين منصور الذى صوره التليفزيون المصرى باعتباره من أطفال الشوارع ليشى بالناشر محمد هاشم صاحب دار «ميريت» للنشر وليقول إنه يحرض الأطفال على العنف ضد الشرطة والجيش، يأتى إلى «هاشم» هو وأمه بعد أن أفرج عنه ليعتذر له عن الإساءة التى ألحقها به رغما عنه، يحكى منصور ويقول فى حوار بالفيديو أجراه الزميل هشام أصلان بجريدة «الشروق» ملابسات القبض عليه وإدلائه بالاعترافات التى ظن المجلس العسكرى أنها ستنقذه أمام الرأى العام وتطهر ثوبه من الدنس، لكن المجلس العسكرى يريد، والله يفعل ما يريد.
يقول منصور الذى يسكن فى شارع قصر النيل إنه كان نازلا من بيته، فقبض عليه عسكرى بالجيش المصرى واختطفه إلى مجلس الشعب، وما أن وصل حتى ضربه بماسورة حديدية، وسط توسلات الطفل ومحاولة إقناعه بأنه من سكان وسط البلد وأنه لا يشارك فى المظاهرات، لكن لا آذان ليسمع بها الطغاة، وبعد الضرب المبرح فى مجلس الأمة يتم ترحيل الطالب إلى طرة ثم إلى السجن الحربى ثم إلى مبنى النيابة، وفى كل مرحلة يرى من الضرب والتعذيب والتنكيل الكثير، وبعد فواصل التعذيب المستمرة، أتى المجلس بكاميرات التليفزيون المصرى ليصور اعترافات الأطفال كما حفظها لهم، ومن لا يقول إنه كان يأخذ أموالا من أجل الاشتراك فى المظاهرات كان يضرب وبكل قسوة، فقال منصور إن محمد هاشم كان يوزع الخوذات والكمامات على الثوار ويعطيهم الأموال، خوفا من ألا يخرج فيحرم من الامتحانات.
نعم كان محمد هاشم يوزع الخوذ والكمامات وكان ومازال يساعد الثوار منذ 25 يناير وإلى الآن، وهذا معروف للجميع، وقد كتبت عنه فى هذا المكان مرتين وقلت تقريبا نفس المعلومات فى جريدة يراها 15 مليون قارئ، لكنه لم يكن أبدا ليورط الأطفال فى أشياء أكبر من وعيهم، وما حدث مع منصور جريمة بكل المقاييس، جريمة للمجلس العسكرى الذى قال اللواء عادل عمارة إنه «جبل على الصدق!» وجريمة أيضا للعساكر والضباط الذين عذبوا الأطفال والنساء والشيوخ، وجريمة للنيابة التى وجهت الاتهامات، وجريمة للتليفزيون المصرى الذى تواطأ مع المجلس فى صنع الأكاذيب وإذاعتها، لكن من يرد المجرمين عن جرمهم، مادام هناك من يصفق لهم ويبرر لهم أفعالهم الدنيئة، نعم ترتكب الثورة أخطاء جساما، ونعم يندس فيها من يشوهون صورتها، ونعم يستغلها بعض التجار بجبونية وندالة، لكن لأن منبتها طيب وأهدافها نبيلة يريد الله دائما أن يطهرها ويرد عنها بجلاله كيد الكائدين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة